adsense

2024/06/20 - 11:48 ص


بقلم اعتصام عثمان حسن/ السودان

السودان هو بلد يعاني من صراعات داخلية وخارجية منذ عقود. الحرب الأهلية بين الشمال والجنوب، والنزاع في دارفور، والانفصال الجنوبي، والثورة الشعبية، والتدخلات الإقليمية والدولية، كلها عوامل ساهمت في تشكيل واقع معقد ومتغير.

بنظرة سريعة إلى واقع الحال والمستقبل المظلم الذي ستقضي إليه الحرب العبثية التي تدور رحاها عام ونصف  والتي أدت إلى أوضاع إنسانية كارثية

أولاً، يجب أن ننظر إلى الحرب في السودان من منظور تاريخي وسياسي. لا يمكن فهم الصراعات الحالية دون معرفة جذورها وأسبابها. السودان هو بلد متنوع عرقياً وثقافياً ودينياً، لكنه تعرض لسياسات استعمارية وإقطاعية وإسلامية أدت إلى تهميش وإقصاء كثير من المجموعات والمناطق. كما تعرض لتأثيرات خارجية من دول مجاورة وقوى عظمى تسعى إلى حماية مصالحها في المنطقة. هذه العوامل أنتجت نظاماً سياسياً فاسداً ومستبداً، لم يستطع تحقيق التنمية والديمقراطية والسلام.

ثانياً، يجب أن ننظر إلى الحرب في السودان من منظور إنساني واجتماعي. الحرب لها آثار مدمرة على حياة الملايين من المدنيين، الذين يعانون من القتل والاغتصاب والتشريد والجوع والأمراض. كما لها آثار سلبية على المجتمعات والهوية الوطنية، حيث تزرع بذور الكراهية والانقسام بين مختلف المكونات. لذلك، يجب أن نضع المصلحة الإنسانية فوق أي مصلحة سياسية أو اقتصادية أو عسكرية، وأن نسعى إلى حماية حقوق الإنسان وكرامة الإنسان.

ثالثاً، يجب أن ننظر إلى الحرب في السودان من منظور استراتيجي ودولي. الحرب في السودان ليست حرباً محلية فقط، بل هي حرب تشكل تهديداً للأمن والاستقرار في المنطقة بأكملها. فالسودان يحده ثمانية دول، كل منها لديه مصالح وتحديات خاصة به. كما أن السودان يشهد تدخلاً من قبل دول إقليمية مثل مصر وإثيوبيا والإمارات وتركيا وإيران، و الولايات المتحدة وروسيا والصين وفرنسا. هذه الدول تحاول تأثير على مسار الحرب والسلام في السودان، بحسب مصالحها وأجندتها. لذلك، يجب أن نكون حذرين من الانجرار إلى صراعات لا نستفيد منها، وأن نبحث عن شركاء يدعمون تطلعاتنا الوطنية.

رابعاً، يجب أن ننظر إلى الحرب في السودان من منظور فرصي وتحولي. الحرب في السودان ليست نهاية، بل هي بداية فرصة لإعادة بناء السودان على أسس جديدة، تضمن العدالة والمساواة والحرية لجميع المواطنين. هي فرصة لتحقيق التغيير الديمقراطي الذي طال انتظاره، بعد سقوط نظام البشير في عام 2019. هي فرصة لتحقيق التنمية الشاملة التي تستفيد من موارد السودان الطبيعية والبشرية. هي فرصة لتحقيق السلام الدائم، بإنهاء جميع الصراعات المسلحة، وإشراك جميع الأطراف في عملية سياسية شفافة وشاملة.

إلى أين تقودنا الحرب في السودان؟ هذا يعتمد على خياراتنا وقراراتنا. إما أن نستمر في دائرة العنف والفشل، أو أن نخرج منها بالحكمة والشجاعة. إما أن نكون جزءاً من المشكلة، أو جزءاً من الحل. إما أن نكون ضحية للتاريخ، أو صانعيه.