بقلم الأستاذ
حميد طولست
فعلا لم تعرف أي تميمة ما عرفته تميمة بطولة كأس
إفريقيا للاعبين المحليين التي ستحتضنها الجزائر، بين الفترة الممتدة من 13 يناير
إلى 4 فبراير المقبلين، من جدل عارم على
مواقع التواصل الاجتماعي ، تخطى في بعضه النقد البناء إلى السخرية من مجسم
الدمية العجيبة التي جاءت على شكل حيوان "فنك"° مشوها، الأمر الذي
اعتبره العديد من النشطاء الجزائريين -قبل غيرهم-أنه لا يتلاءم بشكل طبيعي مع
الحدث المرتبطة به ، لا شكلا ولا مضمونا ، ولا يمثل لا تاريخ ولا ثقافة "بلاد
المليون شهيد"، ويفضح حجم الفراغ المهول الذي يتخبط فيه المنظمون ، ويؤكد
بشكل جلي على افتقارهم للحس الإبداعي ، ليس بسبب شكل "الفنك" الممسوخ
فقط ، بل بسبب لقب "قبطان" الذي أطلق على التميمة وما يحمله من دلالة
عسكرية عميقة تعكس حجم سطوة وتحكم فكر النظام العسكر الحاكم في تمرير وتوجيه
الرسائل ذات الأبعاد السياسية المغلفة في القوالب الرياضية ، وما وتوحي به من كون
دورة هذه البطولة ستكون بنكهة "عسكرية" .صحيح أن جل التمائم الرياضية
تتمحور في أغلب الأحيان حول الحيوانات التي تستخدم كرموز للدلالة على مواصفات الفرق الرياضية ومواطنها ومناطقها الجغرافية ،
واستحضار صفات تلك الحيوانات ، وإضفاء سمة من سماتها على الفرق واللاعبين، كالحكمة
و الذكاء والنباهة أو القوة والشجاعة و الضخامة وحتى الخبث الذي اختارت اللجنة
المنظمة لبطولة “شان”، من أجله حيوان
“الفنك” ، كما أكد ذلك رئيسها رشيد أوكالي، في تصريح له لقنوات جزائرية: "أن
اختيار "الفنك "جاء لكونه حيوان خبيث يصعب اصطياده في الصحاري، ويعتمد
على نفسه كثيرا."
ومع التطور
الصناعي المؤثر في مختلف المجالات ، لقد لعبت التمائم دورا كبيرا في التعبير عن
الفرق ، وحصل بعضها على شعبية فاقت اللاعبين والبطولات المختلفة ، التي اعتادت تلك
التمائم الفريدة متابعة بطولاتها عبر التاريخ والتفاعل مع أبرز لحظاتها، مند
النسخة الأولى في عام 1966 التي استضافتها إنجلترا –وكانت تميمتها هي "الأسد
ويلي"- والتي أصبحت منذ ذلك الوقت تقليدا متوارثا ببطولات كأس العالم إلى
أن بلغ عددها 15 تميمة لم تخل أي تميمة
منها من قص خاصة متعلقة بالتفاؤل المتوافق
مع أجواء تشجيع كرة القدم ، والتي لن أتطرق لها في هذه المقالة لكثرتها وطولها ،
وسأكتفي بذكر نوعية التمائم والدول التي اختارتها ، وأبدأ بالمكسيك الذي اختار
"بيكيه"لكاس العالم 1986 والتي تمثل ثمرة فلفل حار ترتدي القبعة
المكسيكية المشهورة ، أو تميمة "خوانيتو" لعام 1970 والتي هي ولد يرتدي
قميص منتخب المكسيك الأخضر ويعتمر القبعة المكسيكية الشهيرة، الأمر الذي تكرر
باختلاف طفيف مع تميمة "تيب وتوب" التي اختارتها ألمانيا لسنة في كأس
العالم 1974 ، وتميمة "غاوشيتو"التي ابتكرتها الارجونتين سنة 1978
،و"ناوانجيتو"البرتقالة الاسبانية المرتدية زي المنتخب الإسباني
المستضيف لكأس عام 1982، وتميمة "تشاو" العصا التي حملت ألوان علم
إيطاليا بكرة فوقها بدل رأس آدمي أو حياني ، والتي اتخذته ايطاليا شعارا لنسخة كأس
العالم لسنة 1990 ، ويأتي "سترايكر" الكلب الكبير الذي يرتدي زي المنتخب
الأمريكي كتميمة لكأس لعام 1994 التي صوت عليها
–في تطور كبير في عالم التيمات- مواطنو الولايات المتحدة الذين لا تعتبر
كرة القدم عندهم لعبة شعبية أولى ، وقد استطاع الديك الأزرق الفرنسي جذب الأنظار
والإعجاب كتميمة لكاس العالم فرنسا1998 ، ويأتي النمر "زاكومى"تميمة كأس
العالم جنوب إفريقيا 2010 ، وكاس العالم الرازيل 2014 الذي كان على شكل حيوان مدرع
وتبقى تميمة "زابيفاكا" الذئب الذي اختارته روسيا تميمة لكأس العالم
التي أقيمت بها عام 2018 ، هي التميمة ما قبل الأخيرة التي عرفها كأس العالم 2022
قطر ، التي تمثل مجسم لشخصية مرحة قادمة من عالم افتراضي سمي "لعيب" أي
اللاعب الماهر ، يرتدي الفترة والعقال وتتدلى منه الأحبال، ومهما اختلفت التمائم
الرياضية وتطورها على مدار التاريخ ، فإنها تبقى جميعها رموزا للتعبير عن الحدث
المرتبط بالتمائم ، وتذكارا مهما له ..
هوامش
ـــ الفَنَكْ
أو ثعلب الصحراء أو الحصيني، كما يعرف أحيانًا، هو أحد أنواع الثعالب الصغيرة
الحجم والذي يعيش في الصحراء الكبرى في شمال أفريقيا وبعض أجزاء شبه الجزيرة
العربية في السعودية، والذي يتميّز بأذنيه الكبيرتين جدا، «فنك» هو اسم عربي فصيح
يُطلق على عدد من الحيوانات الفروية.[4] يُعتبر الفنك أصغر أنواع فصيلة الكلبيات
جميعا.