adsense

/www.alqalamlhor.com

2022/12/25 - 3:32 م

بقلم الأستاذ حميد طولست

رغم ما تعرض له غالبية محبي كرة القدم وحتى غير المهتمين بها ، من المغاربة كما الكثير غيرهم عبر العالم ، للاكتئاب جراء عدم رضاهم بما تحصل عليه المنتخب الوطني الأقل مما توقعوه لأسود بلادهم، الذين رفعت انجازاتهم سقف طموحات الشعب المغربي ومعه باقي الشعوب المغاربية والعربية والإفريقية لما يتجاوز الوقوف في المربع الذهبي رفقة فرنسا والأرجنتين وكرواتيا ،وجعلتهم يتوقون لمعانقة كأس العالم الذي استطاع من أجله لاعبوا هذا الفريق الرائع ومدربه الأسطورة تخطي كل العقبات وتحطيم جميع الحواجز .

فإن انتهاء جرعات الإثارة والتشويق الزائدين، التي استطابهما عشاق كرة القدم المغاربة -على مدى شهر كامل في مونديال قطر- له انعكاسات خطيرة عرضت الجماهير الشغوفة بهذه اللعبة لحالات شديدة من الضيق والاكتئاب والحزن والوجع الذي انتابهم بعد توقف حماسة انفعالات متابعة وهستيريا تشجيع مع مغامرة المنتخب المغربي في ترجمة الأحلام إلى إنجازات حقيقية ورسائل ودروس ونماذج عملية تاريخية للمجتمع المغربي وللمجتمعات العربية والإفريقية الغارقة في الإحباط وفقدان الإيمان بقدراتها وتطلعاتها على نيل أعلى المراتب وتحقيق أفضل الإنجازات، مهما بدت صعبة منيعة، وغير مقدور عليها، وعودتهم لروتين الوقع المعتاد، الذي دفع  بهم للبحث عن سبل للتخلص مما ألم بالقلوب من يأس وقنوط.

الحال الذي لم يدم طويلا، إذ سرعان ما شاع الأمل وإنفتح على براح الحياة وعمت بهجته كل إتساعاته، وكأنه لم يكن ينتظر إلا المبادرات الحميدة لعاهل المغربي الملك محمد السادس التي خصصت لاستقبال وتكريم الفريق الو طني وأمهاتهم، باستثنائية حضارية وتاريخية غير مسبوقة، في دلالاتها البالغة المعنى والرمزية في تقديس كبير وإجلال ضخم لمؤسسة الأسرة، التي أعطت أجواء الحفل رونقا خاصا ودعما شعبيا عارما لامشروط، أنسى محبي الوطن ومنتخبه الباسل ، ثقل الاكتئاب، ووحد شتات طوائفه وفرقه وأحزابه،  من طنجة إلى الكويرة، ليحتفلوا مع ملكهم بعودة أبطال بلادهم الذين حولوا رؤية المغاربة للعالم ووأقعهم بذواتهم وقدراتهم وذكروهم بقيمهم وثوابتهم واعتزازهم بهوياتهم وثقافتهم وبما يستطيعون فعله إذا ما هم آمنوا بأن قادراتهم لا تمحوها مظاهر الاستغراب والذوبان الثقافي.

فعلا لقد كان احتفالا تكريميا لافتا ومميزا - تنظيما وترتيبا - التف خلاله الشعب حول فريقه الوطني التفافا شعبيا عارما، يكشف في تلقائية صادقة، عن مدى الحب والإعجاب والاعتزاز الذي يحظى به أبطال الوطن، الذين كانوا قدوة في العطاء، وقدوة في البذل، وقدوة في الوطنية، وقدوة في البر بالوالدين وقدوة في إشاعة الفرحة والسعادة في كل أنحاء العالم، سواء بالأعلام والرايات والشعارات وغيرها من الرموز المعبرة.