بقلم عبدالإله
الوزاني التهامي
وعلى مستوى فعله الميداني يمكن للمثقف العضوي أن
يحمل على عاتقه مهمة انتشال أبناء المجتمع من قبضة الإعلام والحكام المستبدين،
الذين يضللون ويعتمون على الحقائق ويخدمون أجندة خاصة، ــ ينتشلهم ــ بعمليات نقل
الحقائق و التأطير و التوجيه والتثقيف، حتى يتحولوا من عوامل التثبيط إلى عوامل
البناء، و تتحول طاقاتهم من التوجه نحو تفجير السلبية، إلى التمكين للمواهب و
الإبداع و تفتق الأفكار، لأن الأنظمة الفاسدة كما نرى بأم أعيننا يوميا، لا تزيد
أوضاع المجتمعات إلا ضغطا و احتقانا و يأسا أمام ما يجري حولهم داخليا وخارجيا،
صحيح أن المثقف العضوي النبيه يعمل منفردا على إنقاذ أبناء المجتمع من الهوة
السحيقة التي تدفعهم نحوها سياسات الأنظمة الفاسدة المستبدة.
في الجملة إن
المثقف العضوي، شخص مادي واعتباري ذو مواقف ومنتج للإبداع و صانع للأفكار، لا يخنع
للصمت ولا للانزواء مهما كانت الضغوط و الظروف، فهو بتلك الصفات يعمل على فتح أعين
المسؤولين ليتعرفوا على النقط السوداء في الواقع التي تتطلب تدخلا استعجاليا ، و
مسؤول عن تنبيه الغافلين من السياسيين، و مسؤول عن قذف الرعب في نفوس المستبدين و
المفسدين، و مسؤول عن إزعاج المفسد أثناء ممارسته لفعل الفساد و إرغامه على التوقف
عن فساده، ومسؤول مباشر عن زراعة الأمل بين أبناء المجتمع حتى يتحركوا و يتململوا
و يبحثوا عن المهمة التي يجب عليهم القيام بها ضمن المنظومة الاجتماعية والدولية
الواسعة، و مسؤول عن بذر جينات الحياة في رحم الجماهير المصاب بيأس يدفعه دفعا نحو
الاستسلام و الموت السريع.
لكن بدون
التحلي بالشجاعة اللآزمة و بالحكمة المطلوبة و بالتفكير السليم و بالمعرفة
الدقيقة، لن تؤتي مجهودات المثقف العضوي الحاضر الشاهد أكلها، في ظل هيمنة لوبيات
الفساد -ذات الاذرع العالمية والمحلية- ، في كل القطاعات و المهيمنة على البر و
البحر و الجو، ممكن، و بالتأكيد أن يحدث تأثيرا عميقا في مجتمعه إن
تحلى بفكر راشد و بعقل راجح وبحكمة مستنيرة، موظفا أثناء عملياته المقاومة
النضالية، كل العناصر الإيجابية الموجودة على الأرض لصالحه، بغية تحقيق هدفه
الأسمى أي الضغط على القوى المعادية،
وإسعاد المجتمع و إخراجه من تعاسته، يساعده في ذلك حذقه و مهارته و ذكاؤه، ولا
تكتمل ــ أو تبتدئ ــ سعادة المثقف العضوي ، إلا عندما يرى أفراد المجتمع سعداء
وأهدافها المستحقة تترجم على الأرض.
وانضافت في
الحقبة التاريخية التي نحياها، التي تتصف بحساسية مفرطة على مستويات عدة ، مهام
إلى مهامه و تحديدا في أن ينزع فتيل الفتنة و الاقتتال و إراقة الدماء، بعمله
الحكيم الدؤوب المحرض على التآخي و التوادد و التراحم و الابتعاد عن التنطع و التطرف ، و عن كل ما من شأنه أن
ينجرف بنا نحو هاوية سحيقة، رغم أن الحاكمين في غالبيتهم هم من يزيدون الطينة بلة
و هم من يجرون شعوبهم إلى الهاوية غير محمودة العواقب بإفسادهم في الأرض و نهبهم و تعسفهم و
استبدادهم المطلق غير المتوقف بطرق متجددة وعن طريق بيعهم لمصير الشعب، و ذلك
إيمانا من هذا المثقف العضوي الحكيم بضرورة استحضار أهمية الأمن و الاستقرار و
الطمئنينة، في مسيرة و مسار كل حركة تغييرية هادفة إلى بناء إنساء إيجابي جديد و
جعله وسيلة لإسعاد كل البشرية.
إن الذين
يسخرون مدخرات الدولة وثرواتها في سبيل قتل جهازها المناعي المتمثل في المثقف
العضوي، إنما يرتكبون جرما لا يغتفر في حق أوطانهم والإنسانية جمعاء فقط لإرضاء
نزواتهم التحكمية ولاستنزاف ثروات البلد دون مقاومة من أحد.
فمتى يستيقظ
الضمير الإنساني ويترفع ويسمو، مثلما هو سام المثقف العضوي بفكره ومقاومته ونضاله؟
تحية للمثقف
المغربي والعربي الذي لولاه لما كشف ستار أحداث كأس العالم بأدق تفاصيلها.