بقلم الأستاذ
حميد طولست
ومن المظاهر
التي طغت على هذه التظاهرة العربية وشدت أنظار العالم إليها بجدية : مسألة تمسك
عشرين لاعب ممن ولدوا وتربوا في أوروبا، بوطن أجدادهم وآبائهم المغرب، وفضلوا
اللعب لصالحه على حساب أندية أوروبية ينتمون إلي بلدانها والادة أوتعليما أو
تجنيسا ، كإيطاليا وفرنسا وألمانيا وإنجلترا وإسبانيا وهولندا وبلجيكا ، وقضية
الإعجاب العربي والإسلامي والإفريقي والغربي بالمنتخب المغربي الذي أشعر المغاربة
بأن العالم يقدرهم حق تقدير ، ومسألة التهاني البهيجة التي تواردت ولأول مرة في
تاريخ كرة القدم ، على المنتخب المغربي ، وبشتى اللغات، ومن مختلف البلدان
والقارات ، حتى تلك التي لم تكن -إلى حين -تذكره إلا بشكل عرضي، وكأنه جيء به فقط
للمشاركة من أجل المشاركة ، أو ليستكمل عدد فرق المجموعات ، قبل أن تبعثر إنجازات
أسوده كامل أوراق إعلامييها المؤدلجين ، وسياسييها اليمينيين المتطرفين ، ومحلليها
الشعبويين ، وترغمها على مبادلته الاحترام والتقدير المساوي لما تحلى به فريقه
الوطني وجمهوره الوفي ، من السلوكيات الجميلة المتمثلة في معاملتهما الحسنة للخصم،
ولعبهما الجماعي على حساب الفرديات، وحضور الحس الوطني بين مكونتاهما، وغيرها من
السلوكيات التي ترجمها أسود الأطلس والجمهور المغربي إلى رمزيات أخلاقية ، كالسجود
الجماعي ، والتوحيد ، والدعاء ، والإيثار ، وبر الوالدين وغيرها من الأخلاقيات
الحميدة الراقية التي لم يستطع استيعابها بعض المثقفين السلبيين الذين لازالوا
يعيشون في سياقات عالم متخبط في التطرف والصراعات والحروب، ويخلط بين الرياضة
والسياسة، ويستحضر نظرية المؤامرة وتدجين الشعوب ، والذين أصيبوا بصدمة غير متوقعة
عندما لاحظوا الكفاءات الكروية والأخلاقيات العالية التي يتمتع بها المغاربة
وفريقهم العتيد.
وفي الأخير،
ومن باب الإنصاف الواجب والتقدير اللازم أرفع التحية والتقدير لدولة قطر، التي
منحت كأس العالم صورة مغايرة عن النسخ التي سبقته ، وأكدت أن كل ما أنفقته على
تنظيم هذه التظاهرة لم تذهب سدى لأنها استطاعت أن توحد الشعوب التي يجمعها الدين
والتاريخ والغة في أمة واحد رغم اختلاف أصولها العربية والأمازيغية .