adsense

/www.alqalamlhor.com

2022/04/25 - 1:46 ص

بقلم عبد الحي الرايس

في الأثر: منهومان لا يشبعان

طالبُ علم، وطالبُ مال، ولو أمكنت الإضافة لكان لهما ثالث، ولَصحَّ القول: وطالبُ مَجْدٍ

طالب العلم لا يَكِلُّ ولا يَمَلّ، هو هاوي قراءة واطلاع، وبحث واستكشاف، وتقصٍّ واستغوار، شعاره دَوْما: اقرأ حتى لو كنت تغرق، وهو مقتنص لحظة للتجريب والابتكار، والتأليف والإبداع، وكما قال أحد المغرمين بالتفاني في البحث والتدوين: مُتعة الحياة من المحبرة إلى المقبرة، همُّهُ غنى الفكر وإشراقاته، ولا يعنيه في شيء نُضوبُ الرصيد وخصاصُه، ومن هذه الفئة الفلاسفة والأدباء، وكبار المُولعين بالبحث في مختلف ميادين العلم والاختصاص.

وطالب المال لا يني ولا ينثني، هو راكبٌ كلَّ مطية للإثراء، ومهما كان الكسبُ فهو لا يرتوي ولا يغتني، وكلما حقق ربحاً تطلع إلى مزيد من الأرباح، وكلما أصاب مغنماً تهافت على مراكمة المغانم، لا يهنأ له بال، ولا يطيب له عيش إلا بالمُضِيِّ على طريق الاكتناز والادخار، ومضاعفة الأرصدة والأرقام.

أما طالبُ المجد فهو يسمو ويعلو، ولا يقنع بما دون الوصول بالوطن إلى أسمى المراتب بين الدول، يسترخص المال ـ إذا توفر ـ في الاستثمار دعماً للنماء، ويوظف العلم ـ إذا تحَصَّل ـ في استشراف الآفاق، ويجود بالرأي ـ إذا نضج ـ في تأهيل الإنسان وإصلاح المجال، ويتعبأ ـ إذا حظي بالثقة ـ للإسهام في جلب الخير، وتيسير كل ما ينفع البلاد ويخدُم العباد.

وإنما يُبْنَى الوطن ويعلو قدره بين الأوطان إذا تضافرت جهود الثلاثة:

فوظف أهل العلم تميُّزَهم في الارتقاء بالعقول ومعالجة النفوس والأبدان، وجاد أهل المال بما زاد عن حاجتهم في تقريب التفاوت وتسريع وتيرة النماء، وتعبأ طلاب المجد بكل مصداقية لصيانة الهُوية، وممارسة السياسة النظيفة في إنضاج الرؤية، وتحقيق الازدهار.