adsense

/www.alqalamlhor.com

2022/02/20 - 12:22 م


 بقلم عبد الحي الرايس

في التطلُّع إلى الْحَدِّ من إحصائياتِ الحوادثِ المَكْرُورَة

ما فَتِئنا نُبَشِّرُ بالإستراتيجةِ تِلْوَ الأخرى، ونُراهِنُ بالمنطُوقِ والمكتُوب على الحَدِّ من ضحايا حوادث السير، ولكننا لا نلبثُ نُفاجَأ بنفس الحصيلة من الحوادث والضحايا تتكرَّرُ من سنةٍ إلى أخرى.

فأيْن يَكْمُنُ الخلَل؟

الْخَلَلُ مكشوفٌ معلوم، بالواضح لا بالمَرْمُوز.

ولو كُنَّا نبذل في التنسيق والتطبيق قَدْرَ ما نَصْرِفُه في التشريع والتنظير لَرَبِحْنا الرِّهانَ ويزيد.

ولكننا نُبْقِي على الخندقِ عميقاً، والحاجزِ سَدّاً منيعاً بين مصادرِ التشريعِ والتحسيس، ومَواقعِ التدبيرِ والتنفيذ.

ولعل إستراتيجية 2004 ـ 2013 كانت أوْضَحَ وأوْفى حين أعلنت ْعن مَحاورَ سبعة لربح رهانات السلامة الطرقية، حَدَّدَتْها في: ((التنسيق، والتشريع، والتجهيز، والتكوين، والتحسيس، والمراقبة، والإسعاف)).

وكان التنسيقُ يأتي على رأس المَحَاور، فهو الناظمُ لها، وإكْسيرُ تكامُلِها ونجاحِها.

تَحَقَّق شيْءٌ من ذلك، خاصَّة عند التبشيرِ بِمُدوَّنةِ السير 52.05، ومباشرةِ تطبيقها في أكتوبر سنة 2010

ثُمَّ خَفَتَ صَوْتُ التنسيق، وصار كلٌّ يَشتغلُ لِحَالِهِ في مَجَالِه.

وظلَّ رقم عَشَرَة قتلى مُعدَّلاً يوميا ًخلال السنوات المتلاحقة، مما بعث على التبشير مرة أخرى باستراتيجيةٍ وطنية تنطلق في 2017، وتُرَاهن على التخفيض من عدد الضحايا والحوادث بنسبة 25 % في أفق 2021، و50 % عند سقف 2026، ولكنْ ما كُلُّ ما يتمنَّى المَرْءُ يُدركه إذا لم يَقْرِنْ سعْيَه بتنسيقٍ ومُثابرةٍ وعمل.

وللتذكير، فقد آلت اللجنة الوطنية للوقاية من حوادث السير إلى وكالة وطنية للسلامة الطرقية، وواصَلَتْ رسالتَها في التحسيس والتحفيز، وتطوير الإدارة والتشريع، ورغم ما يَسَّرتْه للجماعات المحلية من مرجعيةٍ لمعايير السلامة الطرقية في صيغة "دليل"، إلا أن هذه الأخيرة حافظت على استقلاليتها في القرار والتدبير، ولَيْتَها كانت تَحْتكِمُ للمعايير، أو تسْترشدُ بالدليل، غير أن مُعظمَها تُقِرُّ التطاولَ على الفضاءاتِ العمومية، وقلَّما تسْهرُ على إبراز ممرات الراجلين، وتعميم وُلُوجيات المعاقين، وتأمين مسارات الدراجين، أو تنفتح على أسباب التحوُّلات النوعية التي صارتْ حواضرُ العالَم المتقدم تأخذ بها لتأمين السلامة المرورية، والحدِّ من تداعياتِ التغيُّرات المُناخية.

وما لم يتحقق الوصلُ بين الوكالة الوطنية للسلامة الطرقية، وبين الجماعات المحلية، والاحتكامُ إلى ما تُشير به الحكامةُ الجيدة، فسيظلُّ الإحصاءُ يُراوحُ المكان، وربحُ رهانات الإستراتيجية مَطلباً عَسِيرَ المَنال.