بقلم عبد الحي
الرايس
مَرْحَى للوكالة
الوطنية للسلامة الطرقية (لانارسا) تُواصِلُ نضالها من أجل ربح رهانات إستراتيجية
2017 ـ 2026، فهي لا تفتأ تُعدِّدُ الصيغ والوسائل، ترفع الشعارات، وتتخذ
المبادرات، وما سعيها لرفع أعداد الرادارات إلا عنوان على ذلك، ولن يهدأ البال إلا
بتعميم المراقبة الآلية وانسحاب الأخرى البشرية في مُختلِف المحاور الطرقية،
فتحضرُ المُؤاخذة التي لا تَمِيزُ هذا من ذاك، وتحقق غاياتها بفرض احترام القانون،
وتُسْهم في التقليص من نسبة الحوادث والضحايا حماية لحق الحياة.
وهي بذلك تُضيف
لبنة أخرى إلى ما راكمته في مجالات التواصل والتحسيس، وما ضمَّنته "دليل
معايير السلامة على الطريق".
غير أنها في كل
ذلك تبدو كمن يحاول التصفيق باليد الواحدة، ما دامت رُؤاها وتوصياتُها لا تجدُ
صداها لدى مُدبِّري شأن الطريق، وما دامت في تعاملها معهم تخاطبهم على استحياء.
فلْيكُن لها
حضورٌ في لجان السلامة الطرقية الجهوية، وصوتٌ مسموعٌ في لجان السير المحلية، حتى
تُرَجِّعَ الصدى الأرصفةُ المصادَرة المحجُوزة، وتَحضُرَ الولوجياتُ الغائبة،
وتُمْنَحَ الأسبقيةَ مسالكُُ الدراجات الموعُودة، وتحظى الحافلاتُ باستقلال مسارها
ومزاياها المتعددة المنشودة.
ونزولٌ إلى
الميدان، ومقابلةُ إحصائيات ضحايا الفئات عديمة الحماية من راجلين، ومعاقين،
ودراجين مع واقع التشخيص والمعاينة، تُوقِفُنا على ارتفاع نِسَبِ مَن لا يجدون
مأواهم على الرصيف، فتتلقفهم مخاطرُ الطريق، ومَن لا يحظَوْنَ بمسارٍ خاص
بالدراجين، فترتفعُ أعدادُ ضحاياهم وسط الطريق، وعلى اختناقاتِ المرور بوسائل
النقل الخصوصي في غياب تأهيل النقل العمومي، مما يُضاعف أعداد الحوادث ومخلفاتها
على الطريق.
وهكذا يظلُّ
رهانُ الإستراتيجية مُعَلَّقاً، ما دامت توجهاتُ الوكالة وتطلعاتُها في واد، بينما
واقع الممارسة والتدبير في وادٍ آخر.
ولن ينْصلح
الحال، ولن تتسارعَ وتيرةُ التخفيض من ضحايا الطريق بنسبة 50% المأمولة في أفق
2026 إلا بتضافر توجُّهاتِ التنظير مع مبادرات التنزيل والتفعيل.
وهذا ما يقتضي
مَدَّ جسرٍ مَتين بين الوكالة الوطنية للسلامة الطرقية، ومَن وُكِل إليهم أمرُ
تدبير السير والجولان في الجماعات المحلية، فيصيرَ الاحتكامُ إلى ما يدْرَأُ
المخاطر المرورية، ويضمنُ استلهامَ ما تتنافس في السبق إليه التجاربُ الدولية،
وتنزيلَ ما جاء به "دليلُ معايير السلامة الطرقية".