بقلم الأستاذ
حميد طولست
إن ما أثار
إنتباهي وأجج غضبي وحنقي ، وأنا أتابع صراع الأباطرة المشوق الذي جرى في دور الربع
النهائي" كأس أمم إفريقية" بين الأطلسيين الامازيغ في مواجهة أشقائهم
الفراعنة الأقباط ، هو ما شاهدته وغيري كثيير ، من تجاوز الكثير من الإعلاميين
والمعلقين والمحللين الرياضيين الوطنيين والدوليين وعلى رأسهم "الشرق
أوسطيين" ، لكل الموضوعية والنزاهة الفكرية والحياد الإعلامي ، وضربهم عرض
الحائط بالواقع الجغرافي والتاريخي والحضاري والثقافي والهوياتي للمنتخبات
الشمال/إفريقية المشاركة في التظاهرة الكروية الإفريقية المقامة بالكاميرون
الإفريقية ، أثناء نقلهم مجريات ووقائع أحداثها التي استغلتها بعض مواقع التواصل
الاجتماعي التي تسيطر عليها كتائب الذباب الإلكتروني الشرق أوسطي ، وذلك بوصف
منتخبات المتأهلة إلى دور ربع النهائي
المغرب ومصر وتونس بــ"المنتخبات العربية" ، عبر تمريرها المستفز للعديد
من المصطلحات العرقية والمفاهيم العنصرية الإقصائية ، في محاولة بئيسة لتذويب
الشعوب المغاربية الأمازيغية حضاريا وثقافيا ولغويا وهوياتيا في بوتقة
"العروبة الخالصة" خدمة لأيدولوجية "تعريبية" قسرية غير
أخلاقية مزورة لتاريخ وحضارة وثقافة تلك الشعوب الضاربة في العراقة ، والتي لا
علاقة لها بالمشرق ولا تمثل شعوبه العربية ، الأمر الذي أكدته الأبحاث العلمية
والاكتشافات الأركيولوجية الفاضحة لسياسة الأدلجة التي يمارسها الإعلام المأجور من
خلال محاولاته المستمرة لإلصاق مزاعم "العرق العربي الخالص" بالمنطقة
المغاربية والشمال إفريقية وشعوبها ، لتحطيم ماديتها ، وهدم منظومة عيشها ، وكسر
رمزيتها، ومسخ تقافتها، وطمس فلسفة منتجها، وتغيير نظرتها وفكرتها عن نفسها ،
لتصبح متغربة عن ذاتها وعن العالم من حولها، فتسهل قولبتها قولبة جديدة تكسر
استقلاليتها وتصادر حريتها على جميع الاصعدة ، كما حدث بالفعل بين الكأسين العربي
وإفريقي ، حيث إختلط الأمر على المنتخبات الشمال إفريقية ، فلم تعد تعرف أهي عربية
أسيوية أم تنتمي الى قارة افريقيا ، بدليل أنهم بالأمس لعبون في بطولة كأس الخليج
"كأس العرب" في قطر ، واليوم جاؤوا ليلعبوا في كأس أمم أفريقيا ، العبث
واللامنطقية واللاعقلانية التي دفعت بكل من أسطورة كرة القدم الكاميروني
"روجي ميلا" لقصف منتخبات الشمال إفريقيا بقوله: " من ليس أفريقيا
ليس عليه أن يلعب كأس افريقيا "، ودفعت بالتجمع العالمي الأمازيغي للتنديد في
يناير 27، 2022 بــ"ـالتعريب القسري" لمنتخبات شمال إفريقيا المشاركة في
كأس أمم إفريقية ، وما يحويه من انتهاك لدساتير بلدانها التي تقر برسمية
الأمازيغية إلى جانب العربية والاعتراف بالتعدد الثقافي واللغوي.
وكما أن الشيء
بالشيء يذكر تحضرني مستملحة ذات مغزى عميق : فقد ذكرني الموضوع ، بطلب صاحب دار
نشر عربية من الكاتب الامازيغي محمد شكري ذات يوم بتعريب عبارات امازيغية في
روايته الخبز الحافي فكان رده قاطعا: هذا مستحيل! وعندما سئل لماذا مستحيل ؟ كان
جواب شكري :لأن تلك العبارات هي أنا !.
وفي الختام ،
مبروك لجميع المصريين التأهل وتهنئة خاصة للامتدادنا الأمازيغي بمصر "أمازيغ
سيوة" ولا بارك الله في من يضمر لنا الشر.