منذ المؤتمر السابع صيف 2019 وحركة
الشبيبة الديمقراطية التقدمية تخوض امتحان الاستقلالية العسير، وهو الامتحان الذي
لم تنجح فيه للأسف الشديد، حيث تدخلت أطراف من خارج الشبيبة قصد التأثير في
مؤتمرها الذي وددنا أن يكون مستقلا عن الأشخاص وعن سلطوية الحلقية الضيقة، مؤتمر
يحتكم فقط للعنفوان والإيديولوجيا والتماهي مع جذوة الشباب. وها هي الشبيبة تسجل
على نفسها من خلال اللجنة المركزية السابقة آخر مغامرة مجنونة من أجل تدمير كل شيء
في سبيل اندماج مغشوش لم يحقق لنفسه التراكم الكمي المفضي إلى النوعي.
لقد عاشت حركة الشبيبة الديمقراطية
التقدمية، شبيبة الحزب الاشتراكي الموحد العديد من المطبات وفي محطات متباينة،
لكنها، وفي كل مرة تخرج أكثر قوة من ذي قبل، بفضل استماتة مناضلاتها ومناضليها
المدافعات والمدافعين عن خطها الكفاحي؛ الذي يتماهى والخط السياسي للحزب الاشتراكي
الموحد. إن حشدت هي حركة شبيبية بمثابة جمعية، لأنها تخضع لقانون الجمعيات. وإذا
كانت تتميز باستقلاليتها التنظيمية عن الحزب الاشتراكي الموحد، فإنها تتبع له في
الخط السياسي المكافح المنفتح والداعم للنضالات الشعبية. وهي بذلك، فالشبيبة هي
المشتل الحقيقي للحزب الذي يؤطر الشابات والشباب ويرفع من منسوب وعيهم الإيديولوجي
أولًا، والسياسي ثانيا، والتنظيمي ثالثا. لقد وُجِدتِ الشبيبة من أجل الشباب أولًا
وأخيرا، وهي بمثابة ورش مفتوح لكل اليافعات واليافعين الذين وصلوا الثامنة عشر من
عمرهم. وما يميز الشباب هو العنفوان بشكل كبير. على هذا الأساس وبسبب السن
والعنفوان والحماس، فمن حق الشباب أن يخطئوا، لكنها أخطاء من داخل النسق التنظيمي
لا خارجه، داخل الشرعية، داخل الإطار، داخل حركة الشبيبة الديمقراطية التقدمية، ضد
الانعزالية، ضد المشيخة، ضد التبعية، ضد الحلقية وضد القرصنة وتهريب الإطار.
ينص الفصل الثاني من القانون الأساسي
لحركة الشبيبة الديمقراطية التقدمية على ما يلي: "يوجد المقر المركزي لحركة
الشبيبة الديمقراطية التقدمية بالعنوان التالي: زنقة أكادير إقامة الماريشال
أمزيان الدار البيضاء" وهو المقر المركزي للحزب الاشتراكي الموحد التابع له
قانونا، وهو ما يعني أن الحركة تنشط بمقرات الحزب مركزيا وعبر الفروع المختلفة.
لقد دأبت الشبيبة مركزيا على عقد اجتماعاتها بالمقر المركزي للحزب، سواء تعلق
الأمر بالمكتب الوطني أو اللجنة المركزية، وكذا بعض فروع الدار البيضاء. إن
الاجتماع الأخير الذي عقدته اللجنة المركزية السابقة للشبيبة من أجل فك
الارتباط/قرصنة الشبيبة خارج المقر المركزي، يطرح أكثر من علامة استفهام على أعضاء
اللجنة المجتمعين، إذ ببساطة شديدة، يمكن الدعوة إلى عقد الاجتماع داخل المقر
المركزي كما جرت العادة، لأن أبواب الحزب مفتوحة دائما للشباب. وفي حالة عدم
الاستجابة إلى طلب الشباب، آنذاك يمكن اللجوء إلى مكان آخر وفضح الواقفين وراء
قرار منع الشباب من الاستفادة من المقر. والحال أنهم لم يفعلوا ذلك. وهذا ما يوضح
بالملموس النية المبيتة لدى هؤلاء في قرصنة الشبيبة، وهم الذين جاءهم القرار من
الخارج، واجتمعوا فقط من أجل إعطاء المشروعية له، الذي يبقى قرارا بلا شرعية ولا
مشروعية، مادام أن القرصنة وتهريب الشبيبة لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يمثل
وجهة نظر.
ورد في الفصل الرابع من القانون
الداخلي ما يلي: "لا تقبل العضوية في حركة الشبيبة الديمقراطية التقدمية من
شخص ينتسب إلى حزب آخر غير الحزب الاشتراكي الموحد"، وورد في الفصل الخامس من
القانون الداخلي نفسه: "لا يشترط في عضو حركة الشبيبة الديمقراطية التقدمية
أن يكون عضوا في الحزب الاشتراكي الموحد"، وهذا الأمر يُسقط العضوية على كافة
الأعضاء المنشقين، لأنهم صاروا ينتمون إلى تيار سياسي جديد ألا وهو تحالف اليسار
الديمقراطي، وهو إطار جديد أُسِّس على أنقاض فيدرالية اليسار الديمقراطي، الذي كان
الحزب الاشتراكي الموحد عضوا فيها. إن هؤلاء الذين حاولوا قرصنة الشبيبة وإلحاقها
باليسار الوحدوي، ثم بتحالف اليسار، إنما فعلوا ذلك بدون وجود سند قانوني لفعلهم،
وفي خرق للفصل الرابع من القانون الداخلي الذي ينص صراحة على أن الانتساب السياسي
لا يكون إلا للحزب الاشتراكي الموحد. إننا نقدم هذا التحليل، لأننا نسعى إلى
إقناعهم بأن لا مشروعية لهم حتى داخل النسق الذي كانوا داخله، والذي لا زلنا نؤمن
به. هذا من جهة أولى، ومن جهة ثانية، فإنه يوجد بين صفوف المنشقين عن حشدت العديد
من الرفيقات والرفاق الذين صدر في حقهم قرار الطرد من الحزب. وإذا كان الانتساب
إلى الحزب ليس شرطا من أجل الانتساب إلى الشبيبة، فإنه على العكس من ذلك، فالقانون
الداخلي ولا الأساسي لم يتحدثا عن المطرودين. والسؤال الذي يطرح نفسه وبإلحاح
وقوة: ماذا يفعل هؤلاء المطرودون داخل الشبيبة؟. إن الشبيبة هي يسارُ يسارِ الحزب،
وهي المشتل الذي يتربى فيه المناضل على قيم اليسار ومبادئ الحزب، لكي يكون عنصرا
فاعلا في صفوفه في المستقبل، وإلا لانتهى العمر السياسي للمناضل بوصوله الرابعة
والثلاثين من عمره، حيث سيتجاوز السن القانوني للتواجد بالشبيبة، وفي الآن ذاته لن
يستطيع الحزب الاستفادة منه، لأنه مطرود أصلا من صفوفه من ذي قبل. إن الرفيقات
والرفاق الذين صدر بحقهم قرار الطرد من الحزب، هم بالضرورة مطرودون من صفوف
الشبيبة أيضا، ما يعني أن المنشقين يضمون في صفوفهم العديد من الأعضاء الذين لا
يحملون صفة الحزب ولا الشبيبة معا.
يحق لكل عضو في الشبيبة "ممارسة
حق الانتخاب والترشح وفق الشروط المنصوص عليها في هذا القانون"، وذلك بحسب
الفصل 16 من القانون الداخلي. وبحسب الفصل 29: "يستمع المؤتمر الوطني في
جلسته الافتتاحية إلى كلمة قيادة الحزب الاشتراكي الموحد." من خلال هذين الفصلين،
فإن فك الارتباط كما سماه المقرصنون موجب لإسقاط العضوية. إن الترشح باسم تحالف
اليسار من قبل بعض أعضاء الشبيبة بعد سحب الترشيح المشترك، يجعل أصحابه في وضعية
التنافي، وفي تناقض مع الفصل الرابع من القانون الداخلي.
إن المسألة الوحيدة التي يجيزها
القانون للشابات والشباب هو حل الشبيبة، أما فك الارتباط فلا مدخل قانوني له، ولا
مسوغ له، حتى إذا أراد المقرصنون ليَّ ذراع القانون وتأويله تأويلا مغرضا. فمن أين
جاؤوا بهذا القرار؟.