بقلم الأستاذ حميد
طولست
لا أحد يجادل في
كون الانتخابات ، مهنية كانت أو جهوية أو محلية أو تشريعية، هي الوسيلة السياسية والطريقة
الديمقراطية التي يختار المواطن بموجبها من ينوب عنه في تسيير شؤونه ، ويسند إليهم
مهمة تمثيله بالمجالس المنتخبة البرلمان والجماعية المحلية وجهوية ، والدفاع عن حقوقه
وكل ما يخدم مصالحه ويدعم عجلة التنمية الموفرة للخدمات والحاجيات الضرويرة للإرتقاء
به في المجالات الاقتصادية والسياسية والإدارية والاجتماعية والثقافية والبيئية ، الإنتقال
المرهون بوجود مرشحين قادرين على إعداد مخططات سياسية تنموية ، تقديم برامج انتخابية
مجتمعية محلية ووطنية، الأمر الذي يجعل من التصويت مسؤولية خطيرة وأمانة ثقيلة ، تفرض
على المواطن/الناخب - الذي ينشد تغيير طريقة تسيير أموره اليومية - ألا يغفلَ تقييم
المرشحين ، وتدقيق الاختيار عند المفاضلة بين من يرغب في تمثيله له في عموم مؤسسات
الدولة، لأن حُسنَ اختيار المرشح ، دليلٌ على نضج المجتمع ، وانعكاس لمدى وعي الناخب
وقدرته على الاختيار الأمثل ، القادر على درء الفسادِ أو الحد من غلوائه على الأقل،
أما سوء الاختيار ، أو الاختيارات غير الموفقة ،التي لا تعدو غير تغيير للوجوه حسب
الاجتهادات الشخصية، والتوجهات الحزبية والعائلية الضيقة الأفق، فهي حجر الزاوية في
كل عمليات الفساد المكرسة للأوضاع القائمة -جيدة كانت أو سيئة- المؤدَّية إلى وضعِ
زمام الأمور في أيادٍ غير أمينة ، وإهمال لأهلُ الأمانةِ والفضيلةِ ، وإقصاء ذوي الكفاءة
عن المسؤوليات ، الأمر الخطير والسلوك الشائن، الذي دفع بملك البلاد محمد السادس لتنبيه
المغاربة ،بمناسبة الذكرى 62 ل"ثورة الملك والشعب" ،للأهمية البالغة التي
يكتسيها حسن الاختيار في سدِّ كل ثغرات وطرق تسرب الفساد ، بقول جلالته: "عليكم
أن تحكموا ضمائركم وأن تحسنوا الاختيار" ، وحذر من مغبة عدم إيلاء حسن الاختيار
الأهمية والعنايةً الدقيقة التي يستحق بقوله :"أنه لن يكون من حقكم غدا، أن تشتكوا
من سوء التدبير، أو من ضعف الخدمات التي تقدم لكم".
أمام خطورة الإختيار
على العملية الانتخابية برمتها ، ما على الناخب إلا أن يحسن إختياره لمن يمثله، لأنه
بإمكان المنتخب الواحد أن يُفوت عليك ما تنتظره من تنمية شاملة ويقلص فرص تحسين أحوالك
واحوال البلاد.