adsense

/www.alqalamlhor.com

2021/09/04 - 7:07 م

أوردت شبكة الأخبار البريطانية الـ "بي. بي. سي"، أنه إذا كان الإسم الرسمي لدولة ما يحتوي على كلمتي "ديمقراطية" و"شعبية" ، فقد لا يكون الأمر كذلك أبدا، موضح أن الأمر ينطبق على جمهورية كوريا الديمقراطيةالشعبية، والمعروفة باسم كوريا الشمالية، فهي دولة استبدادية ذات حزب واحد، شأن الجزائر التي يتشابه اسمها الرسمي بشكل ملحوظ مع اسم كوريا الشمالية، جمهورية الجزائر الديمقراطية الشعبية.

وأضافت الشبكة، فعلى الرغم من أن الجزائر لا تندرج في نفس التصنيف مع كوريا الشمالية، فإنه بوسعك أن تسأل أيا من الآلاف الذين يتدفقون إلى الشوارع في الجزائر منذ عام 2019 وسيُجمعون على أن نظامهم ليس ديمقراطيا ولا شعبيا.

قد يقولون إن بلادهم تدار من قبل زمرة منذ عقود، والجيش يمسك بزمام السلطة خلف واجهة مدنية، ويستخدم ثروة البلاد النفطية لتعبئة الجيوب ،علاوة على ذلك، ينظر المتظاهرون إلى الانتخابات البرلمانية والرئاسية المتتالية على أنها خدعة لإضفاء الشرعية على النظام.

ومن الدلائل الأخرى على "الجمهورية الديمقراطية الشعبية" أنه في لحظات الأزمة الوطنية يكون رد فعل الحكومة الأول هو إلقاء اللوم على الأجانب أو "الطابور الخامس".

فعندما تعرضت الجزائر الشهر الماضي لموجة من حرائق الغابات دمرت آلاف الهكتارات من الأشجار والمراعي الخضراء وقتلت ما لا يقل عن 90 شخصا، من بينهم حوالي 30 جنديا تم نشرهم لإخماد الحرائق، كان رد الحكومة الأول هو الإشارة بإصبع الاتهام إلى مضرمي حرائق بشكل عمدي والتعهد بمطاردتهم.

ولم تقدم الحكومة أي دليل على هذا الاتهام، ولم تقل كلمة واحدة عن تغير المناخ، أو أن حرائق مماثلة اندلعت عبر البحر الأبيض المتوسط.

وكان الأمر مشابها عندما ظهرت التفاصيل المروعة لقتل وحرق جثة جمال بن إسماعيل، البالغ من العمر 37 عاما، الذي ذهب إلى منطقة القبائل لمساعدة مواطنيه الجزائريين على إطفاء الحرائق.

وقد تم تسجيل الحادث على الهواتف المحمولة وتم تداوله على نطاق واسع على وسائل التواصل الاجتماعي، وقد صُدم الجزائريون من وحشية الجناة.

وبشكل محرج للحكومة، تم الكشف عن أن ذلك تم تحت أعين الشرطة الساهرة التي لم تفعل شيئا تقريبا لوقف الأمر.

ودافعت الحكومة عن الضباط قائلة إنهم تعرضوا لهجوم من حشد عنيف خطفوا إسماعيل من شاحنة تابعة للشرطة.

وقد اعتقلت السلطات عشرات الأشخاص، يشير آخر إحصاء إلى أن العدد يبلغ نحو 80، واتهمتهم بالتورط في الحادث.

وقد تم عرض المعتقلين على شاشة التلفزيون الحكومي وهم مكبلون أثناء الإدلاء باعترافات تشير، بشكل يناسب النظام، إلى تورط منظمة سياسية محلية صنفتها الحكومة مؤخرا على أنها جماعة إرهابية.

وتقوم المنظمة، المعروفة اختصارا باسم ماك، بحملات من أجل استقلال منطقة القبائل وهي منطقة يغلب عليها الأمازيغ في شمال الجزائر، وهي الأكثر تضررا من الحرائق.

كما أن هذه المنطقة أيضا هي مهد الحراك، الحركة التي أدت احتجاجاتها إلى إنهاء حكم الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة الذي استمر عقدين في عام 2019.

وقد واصل الحراك إثارة ذعر حلفاء بوتفليقة القدامى الذين خلفوه.

ومن الأمثلة النموذجية أيضا على "الجمهورية الديمقراطية الشعبية" أن الناس نادرا ما يثقون بما تقوله وسائل الإعلام الحكومية.

ونتيجة لذلك، انتشرت التكهنات حول من كان وراء التشويه الوحشي لإسماعيل.

وقالت إحدى الروايات التي تحظى بالشعبية على وسائل التواصل الاجتماعي وبين المعارضين الجزائريين في المنفى إن القتل يجب أن يكون محاولة من قبل "الدولة العميقة"، في إشارة إلى المخابرات، لإشعال فتنة طائفية وصرف الغضب العام عن إخفاقات الدولة.

وتساءل البعض عما إذا كان إسماعيل بيدقاً في لعبة قوة أكبر لزعزعة استقرار منطقة القبائل وبالتالي تبرير قمع معارضي النظام.

وأعلنت الحكومة الآن أنها ستعوض كل من عانوا من حرائق الغابات.

وفيما يتعلق بمسألة مقتل إسماعيل، تقول الشرطة إنه تم العثور على هاتفه المحمول مع "حقائق مروعة تتعلق بالأسباب الحقيقية وراء مقتله". ومع ذلك، وبحسب ما ورد لن يتم الكشف عن تلك "الحقائق" بسبب التحقيق الجاري.

بعد أن تعامل النظام مع "التهديد الداخلي"، تحرك إلى الأمام بإعلانه أن المغرب، الجار والمنافس الإقليمي القديم، قد أدين بإثارة المشاكل للجزائر.

وقطعت الجزائر العلاقات الدبلوماسية مع الرباط وأعلنت أنها لن تزود المغرب بعد الآن بالغاز الجزائري الذي يقدر بنحو 800 مليون متر مكعب سنويا.

ونفى المغرب المزاعم الجزائرية وأعرب عن أمله في استئناف العلاقات الدبلوماسية قريبا.

ولم يعلق المغرب بعد على التأثير المحتمل للقرار على احتياجات الطاقة المحلية.

وسارع النقاد إلى الإشارة إلى أن التضحية بالمغرب وجماعات المعارضة المحلية بمثابة تكتيك قديم لصرف الانتباه عن الفشل الذريع للنظام في التعامل مع المشاكل الداخلية مثل حرائق الغابات ووباء كوفيد -19 ونقص الوظائف.

وقد أصدرت الحكومة في الشهر الماضي، ومع وصول تفشي الوباء إلى ذروته وسط نقص حاد في الأكسجين للمرضى المصابين بأمراض خطيرة، توجيهات لوسائل الإعلام للتقليل من "الأخبار السيئة".

ويعد إلقاء اللوم في إخفاقات الدولة على وسائل الإعلام أمرا مستمدا مباشرة من نصوص كتاب الدول الشمولية.

ومن المفارقات، أن الوباء أعطى النظام هدنة من الاحتجاجات التي نظمها الحراك حيث مثل كوفيد ذريعة صحية عامة مثالية لحظر التجمعات والمظاهرات.

لكن بعد فترة هدوء، عاد المتظاهرون إلى شوارع مدينة خراطة في منطقة القبائل في وقت سابق من هذا العام لإحياء الذكرى الثانية للحراك.

ويريد المتظاهرون تفكيكا كاملا للنظام القديم، ويرفضون ما يعتبرونه إعادة ترتيب للكراسي في دائرة السلطة.

وشعارهم: "يجب أن يستقيل كل منهم"، وأعينهم على الجيش. فهم يعتقدون أن قائد الجيش الجنرال سعيد شنقريحة هو الرئيس الفعلي للبلاد.

وتعود جذور غضبهم إلى فشل دولة ما بعد الاستقلال في توفير مستوى معيشي لائق وحريات سياسية.

إنه نظام بنى شرعيته على سردية مناهضة الاستعمار، وهو أمر قليل الأهمية اليوم في مجتمع يغلب عليه الشباب وقد ولد معظمهم بعد الاستقلال عن فرنسا في عام 1962.

والسؤال المطروح الآن هو ما إذا كان بإمكان الحراك المتجدد أن يحقق ما استعصى حتى الآن على حركات الاحتجاج الأخرى في كثير من دول شمال إفريقيا والشرق الأوسط، ألا وهو الحرية وسيادة القانون.