ولعلني - كمناضل سابق في حزب الاستقلال، ومتشبث بقيمه الفكرية وادبياته الاخلاقية
التي انخرطت في صفوفه من اجلها ، وساهمت في ترسيخها بإخلاص ونكران للذات ، والتي سأستمر
،من خارجه، في الدفاع عنها وعن السمعة والمكانة التاريخية التي كانت لقيادييه الأوفياء-
قلت لعلني لن أضيف جديدا إذا أكدت أن الحاجة باتت ماسة جدا إلى ترشيد الأمور وإعادتها
إلى جادة الصواب بعد أن وقعت في حبائل الفتن ،وسقطت في بؤر الفساد والترهل التي تنذر
بعواقب وخيمة ، تحتم على حكماء الحزب -إذا كان لايزال لهم وجود-التحرك الفوري وبالسرعة
اللازمة لتطويق الوضع واحتوائه في اتجاه القضاء على عوامل تأجيج الصراعات واشتعالها
قبل أن تتجاوز حدود وإمكانيات السيطرة عليها ، وذلك بتخليق الحياة الحزبية وترشيدها
من خلال الاستجابة الفورية للمطالب العادلة للمناضلين الحزبيين الحقيقيين، الذين لا
تهمهم الكراسي ، وإقرار المساواة بينهم على أساس الاستحقاق والكفاءة ، حتى يخرج الحزب من الأزمة التي أحكمت عليه قبضتها ويتحرر
منها ، والذي لا يتأتى إلا بوحدة الحزبيين الشرفاء ضد المستفيدين من خلافاتهم ، واتحادهم
ضد فراعنتهم وطغاتهم الذين يزعمون بأنهم يمثلونهم ويدافعون عن حقوقهم ايا كانت مناصبهم
ومهما كانت توجههم وخلفياتهم ، التي لن تعلوا
على مصلحة الحزب والوطن .
هل تنجدر الانتخابات بالحزبية الى هذا المستوى الدنيء؟
علال الفاسي وأعضاء حزب الإستقلال سنة 1946( الموسوعة الحرة)
بقلم الأستاذ حميد طولست
جرت العادة في جل بلدان العالم ،أن يتعالى سقف المنافسة بين الكتل الحزبية كلما
اقترب موعد الانتخابات ، وتستعر المعارك الاعلامية بين الخصوم السياسيين لتسقيط وإزاحة
بعظهم من المنافسة ، بالتحريض على بعظهم وبالتشيكك في نواياهم والسخرية من رموزهم وادبياتهم
ومقدساتهم ، والتهكم على ماضيهم وحاضرهم ومستقبلهم ، بغية التمكن من السيطرة على المشهد
السياسي والوصول إلى أكبر وأعلى المناصب ، وفي مقابل ذلك ، تمارس تلك العادة بين أفراد الكتلة الحزب الواحد ، كما هو حال جل
الأحزاب المغربية ، والذي يظهره جليا فيما يمر به
حزب الاستقلال من الأحداث والمواقف والتصرفات ، التي لم تكن وليدة الصدفة ،
بقدر ما هي نتيجة تصلّب العديد من الأطراف والكثير من الجهات المتصارعة على زعامة الحزب
- التي لست مرتهنا لأي طرف أو جهة منها ، وإنما أقف مع الحق أينما تبينته - والتي تستميت
في اذكاء العصبيات والفئويات والقبليات والطائفيات ، لخلق التجاذبات والتسقطيات والتناحرات
الزارعة للكراهية ، والمؤججة للفتن المبنية على مبدأ "فرق تسد" التي تصيب
المنتمين لنفس الحزب بالدوخة والشرود التي تفقدهم قدرة الدفاع عن حزبهم ورد ما يتلقاه
من طعنات داخل محرابه ، وتدفعهم للاسترسال في مهاجم بعضهم البعض ، غير مبالين بما تحيكه
باسمه الكثير من الجهات المتنافسة من دسائس ومؤامرات ستؤدي لامحالة بمستقبل الحزب إلى
الانتحار السياسي ، الذي يستفيد منه الطامعون
من السيطرة على دواليبه، للوصول عبرها إلى منافع المناصب المتسابق عليها، كما يتبين
ذلك من خلال المواقف المخجلة والتصرفات المقرفة
التي انحدرت بالحزب الى هذه المستويات الدنيئة من الهبوط والتدني ، الذي سيحرق ما تبقى
مما لم تلتهمه حرائق الدسائس والمؤامرات التي عاشها الحزب بسبب الانتخابات ، التي لا
يُغّلب فيها منطق العقل على منطق الحماسة والعاطفة المندفعة .