adsense

/www.alqalamlhor.com

2021/08/25 - 10:08 م

بقلم الأستاذ حميد طولست

رغم طول الزمان وبعد الأمد ، لازالت ذكريات الطفولة البعيدة عالقة بذهني تُراود مُخيلتي صور ما عشته منذُ سنين بمناسبة عاشورة ، حيث كنت وأترابي نتلهف للخروج الى الشوارع لمتابعة مواكب إحياء لياليها ، التي تتم في التاسع والعاشر من الشهر الهجري في طابع احتفالي غايته إدخال البهجة والسرور إلى قلوب الذين يستمتعون بأجوائها الاحتفالية ، وخاصة منهم الأطفال الذين تبقى عاشوراء" بالنسبة لهم فرصة مميزة للحصل خلالها على الهدايا واللعب إلى جانب ازدرد الفواكه والمكسرات والحلويات والأطباق التقليدية .

ورغم مصادفة مناسبة "عاشوراء" لصيف فاس وإرتفاع درجات حرارته المهولة وما عرفه من انتشار لجائحة كورونا ، فإن ذلك لم يستطي ثني الأعداد الضخمة من الرجال والنساء والشباب عن تمسكهم بالاحتشاد في ساحات ودروب جل الأحياء الشعبية للمدينة، للاحتفال والفرح الجماعي بها ، وإحياء العادات القديمة المرتبطة بها ، والتي من بينها "شعالة" و"زمزم"، بكل ما تعكسه من الأبعاد الدينية والعقائدية والفلاحية التي وضعها الإنسان المغربي داخل قوالب ثقافية واجتماعية بعيدة كل البعد عما تروج له الروايات المنقولة الينا عبر التراث الدين الإسلامي على الخصوص، والذي يُرجع بعضه أصول الاحتفال بها لليهود الذين كانوا يصومون يومها شكرًا لله على إنقاذه موسى وبني اسرائيل من العبودية لفرعون ، مستدلين على ذلك بحث النبي عليه الصلاة والسلام على صوم يومها وقوله : " نحن اولى بموسى منهم!" ما جعل لصيامها عند أهل السنة والجماعة فضلا كبيرا يُكفِّر الذنوب ، كما جاء في ما رواه البخاري في صحيحه  عن عبد الله بن عباس قوله : "مَا رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَحَرَّى صِيَامَ يَوْمٍ فَضَّلَهُ عَلَى غَيْرِهِ إِلا هَذَا الْيَوْمَ يَوْمَ عَاشُورَاءَ وَهَذَا الشَّهْرَ يَعْنِي شهر ورمضان.

الأمر المخالف تماما لما نجده في الروايات الشيعية التي يرى فقهاؤها الإثني عشر أن صوم يوم عاشوراء مكروه ويمكن الاكتفاء بالصوم عن الماء تشبها بعطش الحسين وعائلته في ذلك اليوم المآساوي الذي يربطونه بيوم مقتل (الحسين بن علي) رضي الله عنهما وأصحابه ورجال أهل بيته* في عاشوراء عام 61 للهجرة بمعركة كربلاء ، الذكرى التي يعتمدون فيها السواد والبكاء والنديب!

*هوامش: أهل بيت الجسين بن علي الذين قتلوا في معركة كربلاء منهم: فقُتِلَ من أهله بيته ابنه علي الأكبر، وأخوته :: العباس وعبدالله وجعفر وعثمان،وأبناءأخيه الحسن: القاسم وأبو بكر وعبد الله، وبنو عقيل: جعفر بن عقيل وعبد الرحمن بن عقيل وعبد الله ومحمد ابنا مسلم بن عقيل، وأبناء عبد الله بن جعفر الطيّار: عون ومحمد.