نظل دائما ننعت الحيوانات بشتى الصفات القبيحة، والحقيقة أن السلوكات المشينة
ليست مقصورة على الحيوانات، فهناك حيوانات بشرية تعيش بيننا نحسن إليها ولكنها تضمر
لنا البغضاء والحقد والحسد والضغينة.
مناسبة هذا الكلام ما كتبه المعلق الأرعن حفيظ الدراجي على صفحته الزرقاء بمداد
قلبه الأسود.
كان الرجل مهادنا متزنا يزن الأمور بميزان العقل، ويقيس الأشياء بمقياس المنطق،
وكان الكل يقدره ويحترمه.
فهل أغروه بالمنصب والمال، أو يهيء لهما عند العودة إلى الديار؟ وانخرط في استعدادات
مكثفة وتربصات مفتوحة في رياضة القفز من ضفة إلى ضفة، وهو بذلك يكون رخيصا، متقلبا،
غدارا، خائنا، منتهزا، متسلقا، مبدلا أثوابه ووجهه، ويكون بلا أصل.
فهذا الحفيظ لا حفظ الله أمثاله، بعدما تمكن وشبع حتى أتخم، هاهو يصرف سموم
الحقد والتمرد والكراهية، من خلال ممارسة أقذر أنواع اللؤم والجشع والغي، فهو ليس من
أهل الكرم والكرامة، بلا شرف، بلا كلمة، بلا قيم، بلا معايير، وبذلك يكون بلا أصل.
لا حاجة لنا أن نذكرك يا ناكر الجميل، بمواقفنا البطولية والأخلاقية اتجاهكم،
والحال أن بلدنا المغرب يفيض بالأمثلة عن التحديات والإستحقاقات المصيرية الكبرى، والتي
استخدمت السبل التي تحترم الواقع والوقائع، والمتاح والمسموح، لتظل رايتنا خفاقة في
كل ربوع مملكتنا، ويظل أعداؤنا في زاوية الخيبة والعار في ضيافة أهل الذل والهوان.
وربما مكمن الخلل أنك لا تستطيع
أن تغير سلوك من كان على شاكلة المعلق النباح، لأنهم ترعرعوا منذ نعومة أظافرهم على
موائد اللئام.واللئيم لا يستطيع التعايش مع الآخرين بسلام، ويكره أن يرى الآخرين متفوقين
وناجحين ومستقرين، ويحب السعي بين الناس بالفتنة والضلال.وأنا أعلم علم اليقين، أن
"الصياح" يعلم أن الكثير من أعماله مكشوفة، وألاعيبه بائنة، ولكنه رغم ذلك
يمارس اللؤم بعلن وخفاء،
أن تكون صاحب بضاعة رديئة،بلا كرامة، وبلا شهامة، بلا مروءة، وتكون بلا أصل
فالخيار خيارك.
ولكن دعني أذكرك، بأن المغربي الحر والجزائري الحر، حصيف لبيب، يستطيع أن يميز
بين السليم والسقيم، وبين الحق والباطل.