بقلم مصطفى منيغ
لن تسترجع سبتة مكانتها القديمة ، ولو
غيّرت الحكومة الاسبانية لوزيرة خارجتها ذي المواقف الدبلوماسية الصادمة ، مادام الأمر
حُسِم َ في قرارات المغاربة الدائمة ، منها عدم التعامل مع تلك المدينة المحتلَّة إلا
وهي مُحرّرة و لأصلها الطبيعي عائدة ، ليس أمامها خيار آخر لتقديمه مع الوقت مستعدَّة ،
لو كان الزمان ينفعها لمَسَحَ بمروره مغربيتها من ذاكرة أجيالٍ من المغاربة
، وما دام قد فشل جملة وتفصيلا مهما كانت المستويات ، على اسبانيا اليوم التخلي عن
أوهام الاحتفاظ بها كأمر واقع فرضه التقادم . المغرب لا يتراجع عن برنامج بدأ تنفيذه
بغلق ممر العار ذاك كخطوة قبل الأولى الاتية
في الطريق كاجراء لا يُصعّد لكنه يهيئ لخطوة ثانية بما يجعل المسألة تدخل في جد الجد
،ما دام العقل الإسباني الرسمي ثقيل الفهم نوعاً ما ، خاصة وإن تعلق الأمر بأجزاء سيادية مغربية
لاتفريط في استرجاعها بعد اليوم ، ولإسبانيا
في قضية الصحراء المغربية المثال الحي ، سبعة عقود والمغرب صامد لا يهمه في الحفاظ
على سيادته فوقها أحد مهما كان ، واسبانيا
بالذات غير بعيدة عن تورطها بالحجج والدلائل ، أنها ضد المغرب وما يحققه ولو على مراحل
متباعدة الواحدة عن الأخرى في ضم ما ينتسب إليه بحكم التاريخ والجغرابية وسند قانوني
قوي واضح صريح ، المغرب ما طعن دولة جارة أو غير جارة في الظهر ، خلاف اسبانيا المتفننة
في طعنات تجاوزت لحد بعيد السكوت عليها ، وبخاصة هذه المرَّة التي استطاع المغرب فيها
أن يختار الحل النهائي ، ويسعى لبسطه انجازات لا تقبل التمهّل أو التماطل أو التوقّف
ولو المُؤقت . المشاكل المرتبطة بملف الصحراء المغربية أساسها الدور الذي تلعبه اسبانيا لجرّ المنطقة وكذا الاتحاد الأوربي لتضييع وقت ثمين ، يخدم مصالح لم تتحقق بعد بوجود
مغرب ما تخلى أبداً عن مسؤولياته في التحدي ومواجهة المعتدين الراغبين في امتصاص حليب
نفس البقرة ، لكن هيهات الحاضر عكس الماضي ، وسبتة المحتلة ستكون الحكم الفاصل بين
مرحلة التهدئة التي سلكها المغرب لأعوامٍ طويلة، وهو يخسر بها يومياً الملايين من الدولارات
، ومرحلة التباهي بالقوة المُفرطة والتقدُّم
المُفتَرَى عليه التي سلكتها اسبانيا أطول
من الطويلة، وربحت فيها ومنها ملايين الدولارات يومياً .
حكومة الحكم الذاتي للمدينة المحتلة
لم تترك باباً إلاَّ وطرقته ، ومنها الاتصالات الهاتفية التي أجرتها مع بعض
الاسماء المغربية في مدينة تطوان للتدخل بتلك الطرق المعهودة التي أظهرت أيام الغفلة
نجاعتها، عكس هذه الأيام التي أبانت أن المغرب متحكّم في جميع المنافذ حتى تلك الغائبة
على عامة المهتمين بمثل الشأن ، الراغبين لو شهدت العلاقات المغربية الاسبانية ولو
بعض التحسّن لاسباب يدركون بها، أن مصالحهم تحتّم عليهم التفكير بمثل المنوال في حدود
يرونها غير داعمة لاحتلال سبتة . لكن المهم
يتخطى هؤلاء الذين لا يتعدون أصابع اليدين ، مادامت الدولة المغربية قادرة على التصرف
بالكيفية التي تراها موافقة مع كل خطوة تخطوها إلى الأمام و لها امكاناتها لضبط ما
يخصها بدقة ، الدولة بمفهوم شعب يقوده ملك ، وما دامت سبتة جزء لا يتجزأ من هذه الدولة
فالقضية موحسومة ، وكل تدخّل في الموضوع عائد لقرار هذه الدولة الموحدة على هدف واحد
أن لا يبقى أي شبر من التراب الوطني المغربي تحت سيطرة اسبانيا أو غيرها.
... في برشلونة حضرتُ لقاءات
بحكم صداقتي المتينة مع بعض المفكرين والسياسيين والنقابيين الاسبان من أصولٍ كتالونية
ومنهم الاستاذة (...) صديقة السيدة "كارمين" التي كتبت ونشرت عنها ما يقارب
100 مقال ،وهناك كنتُ أوضِّح للبعض أن "سبتة" جعلتها السلطات الاسبانية المتعاقبة
أداة تخريب المغرب اقتصادياً ثقافياً و سياسياً
ايضاً ، انطلاقاً من "الفنيدق" و"المضيق"
و"تطوان" لتنتشر العدوي لكل التراب المغربي في الشمال قبل الانتقال إلى مدن
الداخل ، وعلى امتداد الثلاثين سنة التي عشتهم قريباً من تلك المدينة لم اشاهد أي برنامج
لتعاون حقيقي لترسيخ منفعة ثنائية تعود بالخير على الجميع ، بل هي مناظر اذلال بشعة
مسلطة من عمق تلك المدينة الرهيبة بتصرفات حكامها، بلغت الذروة ما كانت تعاني منه الاف
النساء المغربيات من ضرب وتنكيل وسب وشتم وأمور أخرى استحيي من ذكرها ، يقع هذا بشكل شبه يومي وبكيفية تدين أي جمعية لحقوق
الانسان كائنة هناك قبل غيرها . وكلها ترسبات
مشكّلة اكوام من الضغط ، سيصل أيّ توقيت مناسب لتنفجر، لمطالبة المغرب كل المغرب
باسترجاعها ومن حقه فعل ذلك .