بقلم الأستاذ حميد طولست
بعد أسابيع قليل سيكون المواطن المغربي على موعد- انتخاب أعضاء خامس برلمان
في عهد الملك محمد السادس، وتجديد المجالس البلدية والجهوية -مع الانتخابات التي وإن
تعددت أشكالها وألوانها ومسمياتها ، فتبقى صناديقها في الدول الديمقراطية الوسيلة المشروعة
للوصول للسلطة لحل المشاكل والازمات التي تعترض البلدان ، والفرصة السانحة لمراجعة
ونقد البرامج والتباري على الخطط المستقبلية التي تهم تغيير وتبديل واقع المواطن نحو
الأفضل والأحسن ، في مجالات الصحة والتعليم والشغل وتكافؤ الفرص والمساواة أمام القانون، والتي لا تعدو في البلاد المتخلفة اللاديمقراطية
، غير لعبة عبثية بدون مصداقية ، يشكل فيها النفاق السياسي البضاعة الرائجة والأداة
الفعالة في خداع الجماهير والرأي العام وتدجين الناخب بالشعارات البراقة الكاذبة التي
تضفي المشروعية على التلاعب بمصائر البلدان والشعوب ، خدمة للأجندات الخاصة والمصالح
الشخصية ، التي يستغل غالبية المترشحين لتحقيقها ، ضعف القدرة القرائية النقدية لدى
الناخب ، وعدم امتلاكه لذاكرة تحليلية تأويلية ، تؤهله لتفكيك المشهد السياسي واستنباط
العبر واستخلاص الدروس المساعدة على تدارك
أخطاء تجاربه الانتخابية السابقة ، وتجعله يصحو من غفوته ، فلا تنطلي عليه حيل الانتخابات
وخُدع مرتزقتها الذين اخذت أكاذيبهم وتلاعباتهم وتظليلاتهم السافرة وغواياتهم المفضوحة
، منحدرا خطيرا في زرع التشكيك والتيئيس في ذهنية المواطن ، بغية جعله يخفق في التعرف
على من يصدقه القول ، ومن يكذب وينافق ، فلا
يرتكب الأخطاء الانتخابية السابقة ذاتها ، ولا ينتخب نفس النخب الجاهلة المتخلفة المشغولة
بمصالحها التي لا مكان فيها لحماية المواطن وتحسين أوضاعه ، والتي لا تؤرقها حمايته
وتحسين أوضاعه ، ولا تهمها معاناته وعذاباته مع الغلاء الفاحش، والفقر المدقع، والجهل
المقيث، والتهميش والإقصاء ، بقدر ما تحركها الدوافع المصلحية الصرفة ،
ويمنح ثقته للنخب الوطنية المستنيرة من الطاقات والكوادر الوطنية المخلصة ،
التي تزخر بها البلد ، والقادرة على النهوض بها من كبواتها، ويساعها على إستئناف مسيرتها
النمائية والحضارية ، لأنه –كما يقال- من المسلمات أن الشعوب التي تنتخب نخبا وطنية
كفأة ، تفلح في تجاوز محنها ، بينما تلك التي
تولي أمرها لجهلاء مشوهي الوعي يعوزهم الولاء الوطني ، فإنها تغرق في ما يبدعونه لها
من مصائب .
ــــــــــ وإني هنا أدعو الله العلي القدير أن يُهيّئ للمغرب في كل مواقعٍ
المسؤولية ، العناصر الصالحة من مواطنينه الصادقين المراعين لمصلحة البلاد العليا،
التي تضمنتها برنامج همالانتخابية المهنية والموضوعية ، إلى جانب إنجازاتهم السابقة
ورآئهم التطويرية المستقبلية ، وبيان عناصر الكفاءة التي تؤهلهم لشغل المقعد الذي ترشحوا
له ، أو للاستمرار فيه والذين أتمنى لهم كل التوفيق .
فكن أيها الناخب الفاضل يقظا وحذرا من التمويه العاطفي المستغل للدين والطائفة
والإثنية والجهوية والمناطقية ، وغيرها من وسائل العهر الانتخابي ، التي تلعب عليها
الأحزاب بعد المفلسة ، كمدخل سريع وفعال لمشاعر الناس ؛ فلا تمنح صوتك لقرد يبيعه مقابل
موزة تلفة، ولا لكلب ، يبيعه بعظمة نثنة لا لحم فيها.