adsense

/www.alqalamlhor.com

2021/07/17 - 1:52 م

بقلم الأستاذ حميد طولست

والله إن الشعب المغربي لشعب جبار ويستحق أن يُفتخر بالانتماء إليه ، شعب لا يستسلم السواد الأعظم من مغلوبيه أمام جبروت الثالوث المرعب ، رمضان والعيد والدخول المدرسي ، وغيرها من الرزايا التي تتناوب عليه في توال محكم ، حيث أنه ، وقبل أن تنقشع روائح الشباكية والبروات والحرشة والملاوي وباقي شهيوات سيدنا رمضان التي حاصرت "مناخير" المقهورين داخل البيوت وخارجها ، وأصابت هي والعدس والفول والحمص و"مطيشا" الميزانيات الشحيحة بفقر دم مزمن ، وقبل أن تزول دوخة سهرات الليالي الرمضانية الروحانية منها والترفيهية من الرؤوس، حتى امتلأت الدنيا في غفلة من الناس ، بروائح التوابل والفحم والتبن والعلف محتلة مكان روائح الشباكية والبروات والحرشة والملاوي ، مصحوبة بتبعبيع الأكباش التي انتشرت في كل مكان بلا استثناء،  بكثرة مثيرة ، وتنوع ملفت من السردي السمين المكتنز ، إلى البلدي المعلوف أو الرعوي ، بأثمنة ملتهبة يقف من هم على باب الله من بسطاء القوم وفقرائهم ، أمام ألوانها وأشكالها المغرية ، مشدوهين ، بأعينٍ مشتهية "التبوريد" على لحمها في اليوم الموعود ، وايدٍ قصيرةٍ ، تغلها المزانية الكسيحة ، التي لم تكن تسد مصارين الأيام العادية ، فما بالك بعد أن بهدلتها المناسبات المتلاحقة ، رمضان والعيد الكبير ، وما سيأتي بعدهما مباشرة من دخول مدرسي  سئم الآباء شبح لوازم أدواته من أقلام ومنشفات وكتب و" كرطابلات " وكراسات، ومراجع، ومقررات ، والذي ينتظر إطلالته مباشرة بعد نحر الأضحية ، ليأتى على البقية الباقية من صبر وتصبر المواطن المغربي ، نجم المعارك المأساوية، المنذور للاطمأنينة إحباطاته، الحامل لرايات يأسه ومآسيه والمقلقة، التي لا يجد لها في خضم تيه الهواجس الاستهلاكية الطارئة والمتوالية، إلا الاستسلام لشركات الكريدي المتخصصة في تلقف بؤسه المفتعل بأذرع  مفتوحة 180 درجة، لتقدم له العطايا الحاتمية، والهدايا التكريمية اللامحدودة من كل أنواع السلفات التي هي مرة " مضوبلة " ومرة أخرى ثلاثية الأبعاد ، أو ثلاثة في واحد المصحوبة بالهدايا المغرية ،التي يعتقد معها أكثرية المحتاجين أنها الحل الأمثل والوحيد لكل مشاكلهم الاقتصادية التي تعترض مسار حياتهم، والتي لا يُستفاق من مسها إلا بعد أن يكون الطوق قد أحكم قبضته ، وأصبح القرض رهينة متطلبات المقرضين وشروطهم ، راضخا لقواعدهم، أسير لبرامجهم..

وفي الختام وبهذه المناسبة أتمنى أن يتقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال، وأن ينضج وعينا بالدور الحقيقي لهذا العيد حتى نتمثل ما يحمله من معاني التضحية والبدل ومغازي المحبة الخالصة القوية وآثرها العميقة والمستمرة ، والذي ما أظن أنه سن لبهدلة وتعذيب عباد الله المحتاجين ، وعيد مبارك سعيد وكل عام وأنتم بالف خير.