لقي ما لا يقل عن 127 شخص حتفهم في الفيضانات المدمرة التي اجتاحت أجزاء من
أوروبا مع استمرار البحث عن مفقودين في المناطق المنكوبة.
وتسببت الأمطار الغزيرة ومياه السيول الموحلة هذا الأسبوع في دمار ببلدات وقرى
في غرب أوروبا، بما في ذلك أجزاء من فرنسا وسويسرا ولوكسمبورج وهولندا، ولكن المناطق
الأكثر تضررا كانت في غرب ألمانيا وشرق بلجيكا.
وتم تسجيل أكثر من 50 حالة وفاة جراء الفيضانات في ولاية راينلاند-بفالتس الألمانية
و 44 حالة أخرى في ولاية شمال الراين-ويستفاليا غربي ألمانيا، ليصل إجمالي عدد الضحايا
في ألمانيا حتى الآن إلى 104 أشخاص.
وقالت مالو درير، رئيسة وزراء ولاية راينلاند-بفالتس، خلال زيارة يوم الجمعة
إلى مركز التحكم في إدارة الإطفاء في بلدة ترير تضررت بشدة جراء الكارثة، "لا
نهاية للمعاناة... إنه مشهد مرعب".
وارتفعت حصيلة الوفيات جراء الأحوال الجوية القاسية والفيضانات في بلجيكا إلى
23شخصا، بحسب ما نقلته وكالة أنباء بلجا البلجيكية اليوم الجمعة عن حاكم إقليم لياج،
الأكثر تضررا.
وهناك مخاوف من العثور على مزيد من الضحايا خلال تصريف مياه الفيضانات بعيدا
عن المناطق المنكوبة وتكثيف عمليات التطهير والإنقاذ.
وبحسب وزارة الدفاع، تم نشر أكثر من 850 جنديا في المناطق المنكوبة والعدد آخذ
في الازدياد.
ولا يزال هناك حوالي 1300 شخص في عداد المفقودين في منطقة أريوله الريفية إلى
حد كبير بولاية راينلاند-بفالتس. ويعيق تعطل شبكة المحمول القدرة على الاتصال بالسكان،
وبالتالي فإن العدد الفعلي للمفقودين قد يكون أقل بكثير. وأصيب 362 شخصا على الأقل
في المنطقة.
وجرفت المياه العديد من المنازل في قرية شولد الصغيرة المواجهة للنهر، مع تضرر
العديد من المباني الأخرى بشدة. وتحاول العديد من الأعمال التجارية في جميع أنحاء المنطقة
الآن النجاة من الكارثة.
كما يوجد نقص في المياه الصالحة للشرب في أجزاء من المناطق المنكوبة. وتعين
إنقاذ العديد من الأشخاص عن طريق القوارب، كما أدى تسرب للغاز إلى تعقيد أعمال الإنقاذ
في بلدة إرفتشتات بولاية راينلاند-بفالتس.
ووصفت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل خلال زيارتها لواشنطن كارثة الفيضانات
بأنها "مأساة"، ووعدت بتقديم مساعدات للمتضررين.
كما منحت كارثة الفيضانات زخما مفاجئا للجدل حول تغير المناخ في الحملة الانتخابية
للانتخابات العامة المقررة في ألمانيا في سبتمبر المقبل.
واستغل قادة الأحزاب الألمانية من مختلف ألوان الطيف السياسي الفيضانات والهطول
الغزير للأمطار والموجة الأخيرة من درجات الحرارة المرتفعة لدعوة الأمة لمواجهة تحديات
الاحتباس الحراري.
وعزا آرمين لاشيت، المرشح الأوفر حظا لخلافة ميركل في منصب المستشارية خلال
الانتخابات المقررة في 26 سبتمبر المقبل، الفيضانات غير المسبوقة والهطول الغزير للأمطار
إلى ظاهرة الاحتباس الحراري.
وكان لاشيت، الذي يشغل أيضا منصب رئيس حكومة شمال الراين-ويستفاليا، قد بدا
قبل عدة سنوات مهوّنا من عواقب تغير المناخ، لكنه قال أمس الخميس: "سنواجه مثل
هذه الأحداث على نحو متكرر، وهذا يعني أننا بحاجة إلى تسريع إجراءات حماية المناخ
... لأن تغير المناخ لا يقتصر على دولة واحدة".
ولا يزال الوضع متوترا في المناطق المتضررة من الأزمة.
وقال حاكم منطقة والونيا البلجيكية الناطقة بالفرنسية المتضررة بشدة، إيليو
دي روبيو، إنه يجب تعلم الدروس في الوقت المناسب، مضيفا في تصريحات لمحطة "آر
تي بي إف" الإذاعية: "المنازل تنهار بسبب قوة المياه. لكن حقيقة أننا غير
قادرين على الوصول إلى المتضررين، هذا درس يجب أن نتعلمه".
في الوقت الذي بدأت فيه الظروف الجوية في التحسن وتراجع هطول الأمطار، بقيت
كل الأنظار تتجه صوب على نهر الموز المتضخم، الذي يمر عبر مدن مثل لييج ونامور. وبدأت
بلجيكا في تقييم الأضرار الناجمة عن الفيضان.
وتعطل السفر بالسكك الحديدية في جميع أنحاء والونيا. وأفادت "بيلجا"
استنادا إلى سلطات الطاقة المحلية أن أكثر من 20 ألف شخص تُركوا بدون كهرباء مساء أمس
الخميس.
وتم اعتبار مياه الصنبور غير صالحة للشرب في عدد من المناطق في مقاطعات لييج
ونامور وغيرها.
وفي جنوب هولندا، طُلب من مئات السكان مغادرة منازلهم في حالة تفاقم الفيضانات.
كما تم إجلاء حوالي 200 مريض في مستشفى في فينلو، على الحدود مع شمال الراين- ويستفاليا.
ودعم الجنود ضفاف الأنهار والسدود بأكياس الرمل. ومع ذلك، تمكن الآلاف من السكان
في ماستريخت والمناطق المجاورة من العودة إلى ديارهم بعد عدم وصول الفيضانات إلى المستويات
المرتفعة المتوقعة.