بقلم الأستاذ حميد طولست
في عز تفاعل الجبهة الداخلية للشعب المغربي ودبلماسيته الخارجية والكثير من
القوى الإقليمية والدولية مع ما أحدثه التهور الماجن للجارة "اسبانيا" في
المنطقة من توترات واضطرابات جراء محاولة تدخلها السافر في شؤون المغرب بطريق مكشوفة
ماجنة ومخالفة لقيم الجيرة والأعراف الدولية الحضارية والتاريخية الموطدة لاستقرار
أمن المجتمعات والدول وأزدهارها إقليميا ودوليا.
،في هذا الوقت الحاسم الذي
باتت فيه قضية الصحراء المغربية أهم من كل قضايا ومطالب المواطن المغربي ،الذي ألغى
- للتفرغ كلية لتطوراتها- كل صراعاته الإنتخابية ومناوراته الحزبية ومحاصصاته السياسية
، وكل ما يساهم في تغليب الفتق على الرتق ،كما يقولون، والزج بالبلاد والعباد في المتاهات
المبهمة والمعقّدة ؛ وفي هذه الظرفية الدقيقة والحرجة ، لم تستطع بعض حركات وأحزاب
الإسلام الساسي أن تنأي بنفسها -في ظل تعالي سقف المنافسة بين الكتل والاحزاب السياسية
-عن تداعيات اللجوء الى التراقص بورقة البعد الديني للقضية الفلسطينية ، واستغلال قوة
تأثيرها على تغيير وجهة الناخبين ، استغلالا
فاحشا وغير أخلاقي في التحشيد والتسويق للحزب الحاكم ذي المرجعية الإسلامية ، الذي
بهتت صورته عقب قبولهم قادته باتفاق التطبيع مع إسرائيل، التي أضرت شعبيا بالحزب
الذي لا تهمه لا فلسطين ولا اسماعيل هنية، بقدر ما يهمه الوضع المتدهور الذي
أصبح عليه ، والذي يخشى من استمراره إلى الإنتخابات القادمة، الأمر الذي دفع إلى ترتيب
زيارة رئيس مكتب "حماس" السيد هنية ، كنوع من الاستثمار في تلميع وترقيع
صفه الداخلي المتصدع بسبب الأحداث الكثيرة التي ضربت معسكره ، والتي على رأسها توقيع
رئيس الحزب على اتفاقية التطبيع مع إسرائيل .
صحيح أن الإنتخابات ليست لعبة قذرة ولا حربا ولا وعيدا ولا تهديدا ، وأنها في
جميع الدول المتقدمة ، حياة ومصير شعوب بأكملها ووسيلة لحماية أمن وحقوق مواطنينها
، وتحقيق نمو ورخاء أوطانها، وصحيح كذلك أنها تكتيكات ذكية وعمل دبلوماسي دءوب من أجل
الوصول للسلطة لخدمة المصلحة العامة للمواطنين ، وأنها من كامل حق أي سياسي فردا كان
أوجماعة منظمة في حزب أو تكثل ، شريطة أن تمارس بشكل قانوني حضاري ، وبإجراءات إبداعية
شفافة وأنشطة سلمية ذكية ، وبأقل الخسائر المادية والبشرية الممكنة ، بعيدا عن الاستغلال
الفاحش وغير الأخلاقي للقضايا الإنسانية خلال الحملات الإنتخابية من أجل أخذ المزيد
من المكاسب السياسية/الانتخابوية الضامنة للبقاء في السلطة ، والذي يبقى -الإستغلال-
أكثر تأثيرا وأشد خطورة على نزاهة الانتخابات من المال السياسي الفاسد ، لما يضفيه
من المشروعية على لعبة عبثية تسعى الى تظليل الناخب ، وغواية عقوله وتدجينه واستغفاله
بالمقدسات الدينية وتسويق الأوهام حولها، دون الخضوع لآليات القانون الانتخابي ، الذي
يضمن مراقبة تمويل الأحزاب لحملاتها الانتخابية ، ويسائل المرشحين على أي تصرف او خرق
في حملاتهم ، سواء كان شراء البطاقات الخاصة بالناخبين او شراء ذمم الناخبين، وغيرها من السلوكات التي انحدرت بالديمقراطية إلى
أحط المستويات دناءة، بما أن شابها من ممارسات الانتخابوية غير سليمة ، حولتها إلى
عبء على الأمة ، تماما كما أشار إلى ذلك مقتطف من خطاب الملك محمد السادس موجه إلى
نواب الأمة خلال افتتاح الدورة التشريعية الرابعة 13 أكتوبر 2000 الذي قال فيه:
"تلكم الديمقراطية التي إن مورست من قبل ديمقراطيين كانت رافعة قوية للتنمية الشاملة،
وإن شابتها ممارسات انتخابية غير سليمة تحولت إلى عبء على الأمة، فهل من قدرنا أن تكون
الممارسة الديمقراطية السليمة نوعا من الحلم الضائع أو السراب الخادع" انتهى كلام
جلالته.