بقلم الكاتب الروائية حسناء وهابي
إستيقظت فاطمة مسرعة والهلع يملأ شغاف قلبها ، و استهلت البحث عن ملابسها بغية استئنافها للعمل ، وبينما هي غارقة
في البحث عن عباءتها ، خطرت ببالها فكرة تحضير
الشاي وبعض من الخبز لتسد جوعها الذي يذبح معدتها طوال النهار .
بعدئذ لمحتها خالتها السيدة رقية وهي امرأة عجوز شمطاء ،كانت ترتدي سترة سوداء
ووجهها مكشر ، قصيرة القامة ، قبيحة المحيا ، ذات بشرة قمحية ، ورأسها قد اشتعل شيبا
.
أحضرت فاطمة قنينة صغيرة بغية ملئها بالشاي الذي هو في الأصل لايسمن ولايغني
من جوع ، حتى قامت خالتها في هياج ، وقالت : أعرضي عن هذا ؛فالقنينة ستنفذ كل الشاي
الذي يحويه الإبريق .ثم قامت بسكب كأس صغير ومنحتها قطعة صغيرة من الخبز .
أخذت الفتاة ذاك الكيس وغادرت والدموع
تتساقط على وجنتيها وتبلل ريقها ، و لم تكترث لصفير بوق السيارات ولا للزجاج الذي
أدمى قدميها ، و لم تعد ترى أي شيء لأن عينيها ملأهما الدمع ، ولطول مدة الطريق وهي
تبكي ، بل تحول البكاء إلى نحيب طويل . ثم بعد ذلك كفكفت دمعها قائلة : لابأس بذلك
، إنها ليست أمي!"
واستئنفت عملها والإحباط يملأ قلبها ، وأضحى وجهها عبوسا قمطريرا ، وما إن حل
آذان الظهر ، حتى جاءت سيدة تحمل فوق رأسها وجبة شهية كانت بمثابة تعزية لدموعها التي
فاقت عنان السماء .