بقلم الأستاذ حميد طولست
لا أحد سيصدق استقالة الرميد من حزبه حتى وإن كانت هذه المرة نهائية ولا رجعة
فيها، بعد إفراط سيادته في تكرار الاستقالات ، التي جعلت منه الوزير الوحيد في تاريخ
المغرب الذي أشهر وهدد بأكبر عدد من الاستقالات ، وبقي وزيرا لعشر سنوات متتالية بعد تعدد ترجعاته عنها
بدرائع يعلم الله صحتها ، إلى درجة لم يعد أحد يصدق حكاية استقالته من أي شيء ، الحال
الذي يذكرنا بقصة الطفل الذي كان كلما نزل إلى البحر إلا وتظاهر بأنه يغرق صائحا أنقذوني
انقذوني، وحين يهب الناس لنجدته يضحك ويستهزئ بهم ، ويقول أنه كان يمزح معهم ، وظل
على ذاك الحال إلى أن فقد ثقة الناس به ، ولم يعد أحد يصدقه ، وفي مرة انجرف إلى المياه
العميقة وأحس أنه يغرق ، فهتف وهتف انقذوني انقذوني ، إنني فعلا أغرق هذه المرة أنقذوني
أرجوكم، لكن لا أحد صدقه ، وليست هذه هي القصة الوحيدة التي تتحدث عن فقدان الثقة ،
إذ يُحكى أنه كان هناك طفل يرعى أغنام أهله ، يأخذها في كل صباح إلى الجبل لترعى ،
ثم يعود بها في المساء إلى القرية ، في رتابة يومية ممللة أحس معها الطفل بالقنوط ،
الذي أراد التخلص منه والترفيه على نفسه بالمزاح مع أهل القرية ، الذين صاح بهم طالبا
نجدته من هجوم ذئب متخيل يريد افتراس الأغنام ، الفرية/المزحة الثقيلة التي انزعج منها
سكان القرية الذين هرعوا جميعهم لإنقاذ أغنامهم ، والتي زاد تكرارها من حنقهم وغضبهم
، فلم يعد أحدهم يكثرت له، إلى أن جاء اليوم الذي هجم فيه ذئب على الأغنام وبدأ بافتراسها ، فصاح كالمعتاد بأهل القرية :النجدة النجدة ساعدوني
" لكن لا أحد أتى لأنقاذه ، لأنه خسر ثقهم به ، ما مكن الذئب من افتراس الأغنام.
وما أظن أن استقالت الرميد للإستهزاء بأحد ، ولا للترفيه عن النفس ، فهو فوق
ذلك ، وإنما هي حسب بعض المصادر بسبب خضوعه لثلاث عمليات جراحية ، وبالمناسبة نتمنى
له الشفاء الكامل والعاجل ، أما غير ذلك من الأسباب فهي خفية لا يعلمها إلا الله والسيد
الرميد ..