أصدرت الحكومة المغربية مساء الخميس 20 ماي الجاري، بلاغا عممته وكالة المغرب
العربي للأنباء، وتناقلته مختلف وسائل الإعلام ببلادنا، أعلنت فيه أن الحكومة
"قررت، ابتداء من يوم الجمعة 21 ماي 2021، حظر التنقل الليلي على الصعيد الوطني
من الساعة الحادية عشر ليلا إلى الساعة الرابعة والنصف صباحا".. مؤكدة "أنه
تم اتخاذ مجموعة من التدابير لتأطير المرحلة، وفق محددات تهم أيضا إغلاق المحلات التجارية
والمطاعم والمقاهي على الساعة الحادية عشر ليلا، والإبقاء على جميع القيود الاحترازية
الأخرى التي تم إقرارها سابقا في حالة الطوارئ الصحية، والخاصة بالحفلات، التجمعات
والتظاهرات، قاعات السينما، والجنائز.." مما يعني، بالواضح وبكل أسف، استمرار
غلق المسارح ودور الثقافة وقاعات السينما وفضاءات العروض إلى أجل غير مسمى..
وبناء على ذلك، تعرب النقابة المغربية لمهنيي الفنون الدرامية عن استغرابها
وقلقها الشديدين إزاء تجاهل الحكومة لكل نداءات واستغاثات نقابتنا بكل هياكلها الوطنية
وفروعها الإقليمية في عموم التراب الوطني إلى جانب حلفائها في الهيئات التمثيلية الجادة
للفنانين ومن ورائها سائر مهنيي فنون العرض ببلادنا.. حيث ناشدنا جميعا السيد رئيس
الحكومة والسيد وزير الثقافة والشباب والرياضة والسيد وزير الداخلية من أجل مراعاة
الظروف الاجتماعية والثقافية المقلقة التي يعيشها مجال العروض الحية الناتجة أساسا
عن فقدان الشغل إثر توقف الحياة المسرحية الكلي جراء تداعيات التدابير الاحترازية المتخذة
بمناسبة حالة الطوارئ الصحية التي تشهدها بلادنا منذ أزيد من سنة، وفي غياب أي إجراء
استعجالي لضمان استمرارية مجال المسرح والفنون الحية يراعي ضرورة هذا الفن كعنصر مكون
لهوية المغاربة الثقافية والحضارية، ولو في شروط دنيا في انتظار انحصار الوباء، إسوة
بما هو معمول به في بلدان أخرى.
وإننا، وإن كنا ولازلنا، إلى جانب مكونات المجتمع المغربي وقواه الحية، نتفهم
كل الحيثيات والمسببات التي أدت إلى اتخاذ قرارات متشددة من أجل حماية المواطنين والتصدي
لتفشي وباء كوفيد 19، فإننا لا نفهم ولا نستطيع أن نستوعب موقف الحكومة الذي بدا متسما
بالليونة والمرونة، منذ رفع الحجر الصحي، لفائدة سائر المجالات الاقتصادية والتجارية
والخدماتية ومختلف الأنشطة المهنية، لكنه اتسم بنوع من الصرامة والحزم إلى درجة القسوة
والتجاهل فيما يخص كل الأنشطة الثقافية والفنية ولاسيما مواصلة إغلاق فضاءات العروض
رغم سيل من الرسائل والمذكرات التي بعثناها للمسؤولين الحكوميين والتي اقترحنا فيها
تدابير عملية ومعقولة تسمح للفنانين باستعادة أنشطتهم مع مراعاة كل التدابير الاحترازية
والوقائية الموصى بها واعتماد إجراءات تنظيمية مبنية على التخفيف في العنصر البشري
والعنصر الزمني.
وإذ نؤمن بأن المسرح كفن حي وجماهيري، لا يمكنه أن يعود ويستعيد حيويته بشكل كامل إلا مع انحصار الوباء، فإننا في نفس الوقت نشدد على أن المسرح ممارسة ودربة مستمرة ومتواصلة بانتظامية ومتواترة لا تقبل الانقطاع والانحسار لمدة طويلة، شأنه في ذلك شأن الممارسة الرياضية، مما يقتضي الاستمرارية ولو بشروط دنيا وفق بدائل ذكية تنجيه من الموت، حيث تمكنه من البقاء، لأن المسرح لا يمكنه بتاتا العيش في غنى عن مؤسسات العروض تدريبا وعرضا ولو في ظروف استثنائية، مما يستدعي مواصلة السياسات العمومية في قطاع الثقافة واستمرارية البرامج المرتبطة بالموسم المسرحي بشكل خلاق يتلاءم مع الظروف الطارئة التي لا ينبغي أن تكون، بأي شكل من الأشكال، مبررا للتوقف الكلي للحياة الثقافية.
وحيث إن الحكومة تعاملت مع هذا الملف بالكثير من التجاهل، اجتماعيا وثقافيا،
فإننا نذكر أن المسرحيين المغاربة، إذ يرفضون رفضا قاطعا هذا التعامل غير المفهوم وغير
المستساغ ويعتبرون أنفسهم جزء لا يتجزأ من مكونات المجتمع المتعايش مع الوباء؛ فإنهم
ينبهون، مقابل هذا التجاهل، أن الفن المسرحي جزء لا يتجزأ من هوية المغرب الثقافية
والحضارية، ويذكرون باعتزاز بالأدوار التاريخية التي لعبها المسرح ولايزال في إبراز
وجه المغرب الحضاري والمنفتح، وهو أمر لا يمكن نكرانه. وبالتالي من المؤسف جدا اعتبار
المسرح مجرد نشاط زائد أو ترف، في اختزال تعسفي يجاري بل ويغذى، موضوعيا، المنظومات
الرجعية والتيارات النكوصية المعادية للفن وكل مظاهر التحديث والعقلانية التي يشهدها
مجتمعنا المغربي بانفتاح، والتي لا يمكن، على كل حال، أن تعيقها "موجة كورونا"
أو أي موجة أخرى عابرة.
وبناء عليه، فإن النقابة المغربية لمهنيي الفنون الدرامية تطالب الحكومة بإعادة
النظر في هذا الإقصاء اللامعقول، والسماح بعودة الروح لمسارح المغرب وفضاءات العروض
بشروط وتدابير استثنائية ومعقولة في انتظار الفرج الكبير، وتهيب النقابة بجميع المسرحيين
المغاربة إلى المزيد من التعبئة من أجل الدفاع، بكل الوسائل المتاحة، عن حقهم في ممارسة
مهنتهم ومهمتهم الاجتماعية والثقافية والتربوية في ظل الجائحة، كشكل من أشكال التعايش
الذي تعرفه باقي الأنشطة الأخرى والتي لا يمكن
أن يكون فيه أب الفنون استثناء.