adsense

/www.alqalamlhor.com

2021/05/26 - 10:02 ص

بقلم الاستاذ حميد طولست

الغناء جزء لا يتجز من حياة البشر، وأكثر الفنون ارتباطا والصقها بهم ، كلغة تعبر عن صدى ما في نفوسهم ، وتصور رؤاهم وأفكارهم وطموحاتهم المنبثقة من واقعهم المعاش ، يناغي مشاعرهم، ويخاطب عواطفهم، ويتسلل إلى قلوبهم  ليملأها فرحا وسكينة ، الأمر الذي لخصه رجل الشارع ببراعة من خلال المثل الشائع في الأوساط الشعبية بقوله : "ملي تشبع الكرش تقول للراس غني" المثل الذي لو تمحصناه بجدية وسبرنا أغواره بعيدا عن دائرة "الحلال والحرام" وما عرفه الجدل الفقهي العقيم من مغالطاته للواقع وحقائق التاريخ الإسلامي ، لوجدنا أنه لا يقل عن فلسفة مقولة أبي حامد الغزالي الواردة في كتابه "إحياء علوم الدين" : "من لم يحركه الربيع وأزهاره ، والعود وأوتاره ، فهو فاسد المزاج ليس له علاج ... ومن لم يحركه السماع فهو ناقص مائل عن الاعتدال بعيد عن الروحانية، زائد عن غلظ الطبع وكثافته على الجمال والطيور، بل على جميع البهائم، فإنها جميعا تتأثر بالنغمات الموزونة" انتهى كلام "أبي حامد الغزالي" ، ولوجدنا أيضا أن موضوع الغناء خليق بالوقوف عند ما يطرح حوله من أسئلة صعبة أمثال : لماذا نغني؟ وهل نغني بمحض إرادتنا ؟ أم يدفعنا الفرح إليه دفعا ؟ أم أن الهموم هي التي تجعل النفوس تتدفق بأحلامها من خلاله لبناء قصو المنى؟ وغير ذلك من الأسئلة التي تدفع لأفتراض أنه إذا كان الغناء شأنه شأن كافة الفنون في التعبير عن رؤى وتصورات ما تمليه الحالة النفسية للمغني ، من مشاعر وإنفعالات ومواقف تجاه أمر ما ؟ فأين هي الأغنية من مشاهد فرح القلوب وسعادة النفوس بقدوم رمضان ؟ وأين هي من مظاهر انشراح الصدور وبهجة الخواطر بإتمام شهر الصوم وبلوغ عيد الفطر ، وبماذا يعبر الرجل الشعبي المغربي عما يستعشره قلبه من فرح برمضان ، بعيدا عن الإسراف في الأطعمة؟

فإذا نحن نظرنا بواقعية أكبر لواقع الأغنية المغربية الخاصة برمضان ، وتصفحنا مسيرتها التاريخية في البلدان العربية والإسلامية  التي ازدهرت فيها أغاني رمضان ازدهارا لم يسبق له مثيل ، فلا شك أننا سنستخلص أنها  كانت ولازالت منفصلة في بلادنا عن هموم الناس الحقيقية في موضوع الإحتفال برمضان ، بخلاف مصر التي عبر أهاليها في الماضي القريب والبعيد ببلاغة وأصالة عن فرحتهم بالشهر الفضيل بما حفل به إرثهم من تواشيح دينية بديعة ورثتها القلوب وارتبطت بذاكرة المصريين رغم غرابة كلمات بعضها ، على أذن الشعب المصري  ، كأغنية "وحوى يا حوى" للمطرب أحمد عبد القادر من كلمات محمد حلمي المانسترلي وألحان أحمد شريف ، والتي هي أقدم أغاني رمضان على الإطلاق ، حيث قدمت لأول مرة عام 1937 أي قبل 84 عاما من الآن، وأغنية"رمضان جانا"من تأليف حسن طنطاوي وألحان محمود الشريف، وأغنية "الصيام مش كده" للنجمين فؤاد المههندس وشويكار من كلمات حسين السيد، وألحان الموسيقار حلمي بكر.

ونظرا لكثرة أعداد أغاني رمضان وطول لوائحها ، أختم بالأغنية الشهيرة "ليلة العيد" التي كان ومازال يحلو للمصريين أن يرددوها مع كوكب الشرق أم كلتوم ، لتوديع رمضان ، واستقبال العيد.

اللهم تقبل منا الصيام والقيام ، وأعده علينا أعواماً عديدة وأزمنة مديدة،  واجعلنا فيه اللهم من عتقائك من النار.