بقلم عبد الحي
الرايس
ولكن الجوعَ هو
الكافر، مَطْلَعُ أغنية تَصْدَحُ بها فنانة مُتميزة عَلَّها تُصَحِّي الضمائر
عندما يُقْدِمُ
سِرْبٌ من الشباب في مَيْعة الصبا وعُنفوان الحياة على الارتماء في الْيَمِّ فراراً
من واقع أجاعهُمْ، ولم يُعوِّضهُم بشيْء، يفعلون ذلك التماساً للعيش بكرامة، أو الموت
بشهامة، فإن ذلك يصير صَكَّ إدانة.
إدانة لمجتمع تختلُّ
فيه التوازنات، يُكدِّسُ فيه البعض الثروات، ولا يكاد البعض يجد ما به يقتات.
يحدث هذا في رمضان،
شهر التماس التوبة والغفران، في أمةٍ تَدينُ بِسَامِي الأديان، يُردِّدُ أفرادها عن
خير الأنام: "ليس منا من بات شبْعانَ، وجارُهُ جائعٌ وهو يعلم".
فإلى متى هذا التصامُمُ
والتجاهل، والإمعانُ في التماس الثراء، والعبثِ بالأموال، وكثيرون من الجُوع يتضورون،
ومن شظف العيش يُعانون ويألمون.
ثمة مشروع للرعاية
الاجتماعية، غير أنه يتطلب فترة للتنزيل والتعميم، وثمة قفف تُتداوَل بعضُها بريء،
وكثيرُها ينشد دعم مُتسلقي السلالم من هواة الريع، والمراهنين على تربع المواقع، واقتناص
المغانم.
وما ينتظره الجميع
تحريك عجلة الاقتصاد، وإطلاق مشاريع النماء، وتَعْداد فرص تأهيل وتشغيل الشباب.
فذاك هو السبيل
الأمثل لشد الناس إلى وطنهم، ومنح كُلٍّ فرصتَهُ ـ حسب طاقته ومؤهلاته ـ للإسهام في
البناء، والعيش في استقرار وأمان.
حققت هذا أمصار
فصارت هدف كل نازح، لاجئٍ أو مهاجر، وبات على غيرها ممن يُصنَّفُ على مدارج التنمية
في أدنى السلالم، أن تحرق المراحل، وتسعى لتأمين العيش الكريم لكل مواطن، وما ذلك على
همة الغيورين من المُدبِّرين والمُوسرين ـ إنْ هُم أخلصُوا النية وصدقتْ لديهم العزائم
ـ بالأمر العسير، ولا بعزيز الْمَطالب.