بقلم عبدالحي الرايس
لنا أن نقول: إن فريقَ العمل تنقَّل وأصْغى، شَخَّصَ وحَكَى، باقتراح الحلول
أَتَى، وعند سقف 2035 بَشَّرَ بِتحقيق الْمُنَى.
وها نحن نرى المنابرَ الإعلامية تتنافسُ مُلَوِّحَةً بالبدائل، والمتدخلين يتبارَوْنَ
في تشخيصِ الدَّاء، والتذكير بوصفات الدواء، لكن، مع الأيام ستخفتُ الأصوات، ويطوي
الموضوعَ النسيان، إلى أن يمُرَّ عَقدٌ ونَيِّفٌ من الزمان ليصيرَ النموذجُ موضوعُ
الرهان في خبر كان.
لأجل ذلك نأبى إلا أن نصدحَ قائلين: إن التدارك والإصلاح لن يتأتى فقط بالتشخيص
ووصف العلاج
إنما يستدعي الأمرُ غوْصاً في المُعيقات، وحَسْماً في الاختيارات.
فالفسادُ لنْ يُجْتَثَّ بغير تجفيف منابع الريع، ومُحاسبةٍ مشفوعةٍ بالمؤاخذة
والتغريم، وقطع الدابر لشراء الذمم، وحيْلولةٍ دون تغيير الانتماءات لكسب المواقع في
الانتخابات، وموعدُها قريبٌ غيرُ بعيد، وستكون ـ إن تحققت ـ إشارةً واضحة، وعلامةً
فارقة لانطلاق مسلسل الإصلاح والتغيير.
والتعليمُ لن ينصلحَ حاله، ويَسْمُوَ مقامُه، ويَجُودَ حَصَادُه، ما لم تُمْسَحْ
فيه الطاولة، وتأخذ مكانتها فيه لغة الْهُوية، تليها لغة العصر السائدة، وما لم يتمَّ
إعلاءُ شأن المدرسين مَقاماً وأجْراً وتكْويناً وتأهيلا، وما لم يَصِرْ حقاً مَكفُولا
للجميع، يُلزَمُ به ويستوي فيه ابن الفقير والوجيه، ويحظى بالتعهد فيه كل مُتميِّز
نبيه.
والصحة لن تربح رهانها ما لم تَعُمَّ المشافي كل الأرجاء، وتستوْفِ متطلباتها
من التأطير والتجهيز واستدامة التعهد والصيانة، وما لم تصِرْ مَلاذَ كل عليل، ومصدر
راحة كل مريض.
والسكن، وفضاءات العمل لن تكون مصدر راحة ومتعة للإنسان، ما لم تتحقق بها معايير
التوازن بين المعمار والاخضرار، وتتوافر لها شروط النقل والتنقل المنصف والمستدام.
والقضاء مَعْقدُ الآمال في تعزيز الثقة، وإشاعةِ الشعور بالأمان، وتحفيز الاستثمار،
لن يؤدي رسالته على الوجه الأكمل ما لم يتسم بالنزاهة وينعم بالاستقلال
والإدارة ـ وهي أشبه حالاً بالمعدة ـ إما أن تكون بيتَ الداء، وإما أن تصيرَ
قاطرة النماء
والمجتمع لن يستقيم أمْرُه، وينصلح حاله، ويتزايد عطاؤه، ما لم يتحررْ من أميته،
ويستشعر العدالة الاجتماعية تشمل كافة فئاته، والمجالية تَعُم كل جهاته.
وباقي مجالات الحياة ورافعات التنمية لن تتسارع خطواتها وتتكامل إسهاماتها ما
لم تَحْظَ بالرعاية الكاملة، وبالحرص على تفعيل متطلبات وأهداف التنمية المستدامة الشاملة.
بِالْبَتِّ في الاختيارات، والحزْمِ في اتخاذ القرارات، نضمن تنزيل ما بشَّر
به النموذج التنموي من إصلاحات، وبغير ذلك نظل نراوح مكاننا، نُكَرِّرُ التجارب، ونجْترُّ
العثرات.