بقلم الأستاذ حميد طولست
فكما كان رمضان السنة الماضي استثنائيا بإمتياز ، بما غاب عنه جراء تفشي وباء
كورنا ، من طقوس وعادات تضفي عليه نكهة خاصة تجعله ممتعا ، يأتى رمصان هذا العام هو
الآخر مخيبا للآمال بما فرض فيه من حضر للتجمعات العائلية ، وتبادل زيارات وتذوق لذائذ
حلويات الأهل والأصدقاء ، وحرمان الأطفال من فرحة التباهي بلباس العيد واللعب مع الأقران
، وتفوت على الكثير فرص تقديم التهاني والأماني الطيبة للجدات والحصول على "العيدية"
السخية ، وغير ذلك كثير من مظاهر فرحة رمضان التي حرمتني كغيري من ساكنة فاس عامة وحيي
"فاس الجديد" التمتع بها هذا العام كما سابقه ، والتي كان على رأسها جميعها
تذزق كؤوس الشاي المنعنعة أو بالتخليطة*، الباعتة للراحة والانتعاش في النفوس والاعتدال
في المزاج ، والتي تتوقد بدواخلي -مع حلول كل رمضان -شهوة احتسائها بفي أجواء مقهى
الناعورة المعطرة أجواءها بكلاسيكات أم كلثوم وعبد الوهاب وفيروز والحسين السلاوي والعنقا
وغيرها كثير من طربيات كبار المغنين الشرقيين والمغاربيين الذين يملأ صداح ألحانهم
طبيعة المكان المخضب بأنين الناعورة المائية الآسر،الذي يزيد معه طقس مقارعة كؤوس الشاي
"الشبري"* و "بزبلو" * شجنا يختزل حكايات وقصص العشق المعلن، ووشوشات
هيام السمّار وأحاديثهم المختلسة ، التي كان يستمتع بها رواد مقهى الناعورة إلى بزوغ
الفجر قبل مصيبة كورونا، "الله يحد الباس"..
هواشي:
مقهى الناعورة: ما تبقى من مقاهي جنان السبيل ، والمشهور بطبيعته الساحرة ونواعيره
العتيق.
الزيزوة: آنية تقليدية نحاسية لتحضير الشاي.
الكاس الشبري: فنجان شاي طويل يستعمل في المقاهي فقط.
بزبلو: أي غير مصفى.
التخليطة: الخليط من الأشياء، وهنا خليط الأعشاب التي تضاف للشاي فتكسبه مذاقا
خاصا والتي تدخل ضمنها بالشيبة و السالمية والسحتر وفلييو إلى جانب أنواع النعناع
.