بقلم الأستاذ حميد
طولست
يشكل رمضان مناسبة
سانحة لبروز العديد من المهن الظرفية وغير المُهَيكلة ، وظهور العديد من الحرف الموسمية
البسيطة غير المنظمة في كل المدن والقرى المغربية ، بكل ما تخلقه من رواج يجد فيه الكثير
من الذين يبحثون عن مهرب من نار البطالة ، بما توفره من موارد مالية تقيهم شر العطالة
عن العمل،، ولو بشكل مؤقت ، فيتسابقون - أطفالا وشبابا وكهولا وحتى ربات البيوت والمطلقات
والمتقاعدين ومن كل الفئات والأعمار - للتحول إلى تجار موسميين ،يتاجرون في كل شيء،
،رغم ما تستوجبه التجارة من مغامرات تجارية وما تتطلبه من الخفة والشطارة، لتوفير مصاريف
متطلبات وحاجيات رمضان التي يعاني البسطاء
والفقراء لسد بعض العجز وتلبية الحد الأدنى منها ، بمزاولة تلك المهن والحرف الرمضانية التي ترسخ وجودها
الموسمي عبر السنين ، واتخذت لها مكانة خاصة ضمن طقوس الشهر الفضيل ، وعلى رأسها صناعة
وبيع أشهر المعجنات المغربية الحرشة والمسمن والملاوي والبغرير والمخمر ورزت القضي
والبريوات والشباكية وكريوش ، وغيرها من الحلويات التقليدية المتوارثة المعدة في غالبيتها
من السميد والذقيق واللوز والسمسم ، إلى جانب المشروبات ومنتجات الألبان والبلح والفواكه
المجففة والطرية التي يقبل الصائمون على استهلاكها بكثرة ، فتخلق رواجا اقتصاديا غير
عادي يغري ممتهني هذا النوع من التجارة باحتلال أرصفة وشوارع المدن المغربية وأزقتها
، بــالــ"تفريشات" التي يعرضون عليها جميع أنواع السلع المجلوبة والمحلية
من مأكولات ومشروبات ومكسرات وكل ما استطاعت عبقرياتهم إنتاجها لمثل هذه المناسبات،
في كل مكان ، حتى أبواب المنازل وبوابات المساجد التي يستغل التخصصون في نسخ الأشرطة
الدينية ، روحانية وقدسية أجوائها لدى المغاربة في هذا الشهر الكريم ، للترويج لضباعتهم
.
وتبقى ظاهرة انتشار
هذه المهن الرمضانية وممارسة الشباب المغربي لهذه الحرف والمهن الرمضانية دليلا واضحا
على مدى استفحال البطالة المقنعة بالبلاد ، وهيمنة القطاعات غير المُهَيكلة على الاقتصاد
المغربي ، كما يقول بعض خبراء الاقتصاد.