بقلم عبدالحي الرايس
ينطلق النهر من
منبعه صافياً رقراقاً، عذباً زُلالا، وفي مساره يكتظ أوْحَالا، وعند مَصبِّه يَقتلُ
الأسْماكَ
تَغنَّى ببهائه
الشعراء، وهام بِمَرَابِعه المتنزهون في خيلاء، وتدفقت مياهه على بحيرة جنان السبيل
في تدافع وانسياب.
ارْتوَتْ من نَمِيرِه
الدُّورُ والرياض، وازدانتْ بِرُوَائه العرَصَاتُ والجِنان.
وها هو الطرْفُ
يَرْتدُّ حَسِيراً لما حاقَ به اليومَ من تلوُّثٍ وإهمال، وما شابَ مَجْراهُ من عَفَنٍ
واكْتئاب.
ولكنَّ الْهِمَمَ
لن تستكينَ إلى تغافُل وتواكُل، ولن تتوانى عن تعبئةٍ وتواصُل.
ـ فثمة بقايا حَفْر
وبناء يُلقَى بها على ضفتيْه، فلْتتحركْ آلياتُ الإزاحة، ولْتُفعَّلْ مُبادراتُ الزجْر
والمُؤاخذة، ولْيعْلَمِ الجميعُ أن ثمة حَزْماً ومُراقبة.
ـ وثمة تَدفُّقٌ
للعوادم يتعيَّنُ تتبعُها وتجفيفُها من المصادر، في السَّكناتِ والمَزارعِ والمصانع.
ـ وهناك مقذوفاتٌ
يكتظ بها النهر وتُسيء إليه في تدفقه، فلتتحقق التعبئة لتنقيته، ليستردَّ أَلَقَهُ
وعافيتَه.
هذا على مستوى
إماطة الأذى، وهو جهادٌ أصغر.
ويبقى العملُ الأجْدى
والجهادُ الأكبر مُتمثلا ًفي العناية بِعُدْوَتَيْ الوادي تشجيراً وتأثيثاً بالخُضرة
والجمال، ففي ذلك إمتاعٌ وإغراءٌ بالفُسْحة والتَّجوال، على ضفافِ نهرٍ دافقٍ مِعطاء.
ونَبْتةٌ طُفيليَّةٌ
مُتغَوِّلةٌ مُكتسحة، احتارَ في مكافحتها الباحثون، وفي استئصالها المزارعون، تأكَّدَ
أن وقوعَها تحت الظلال إيذانٌ لها بالانحسار، وأن إبادتها ليست بالمحال، إذا تعبأ لها
الجميع في كل آن.
فلْتُسلَّطِ الأضواءُ
على نهر دافق بالحياة، غامِر بعذب المياه، ولتتضافرْ جهودُ الجميع لتنقيةٍ وصيانةٍ
وتشجير، ففي ذلك مُتعة أيُّ مُتعة لكل زائرٍ ومُقيم.