بقلم الأستاذ حميد طولست
من الظواهر الثقافية والسلوكات الحضارية
المتأصلة في حياة ساكنة "فاس جديد" ظاهرة تكريم أهل الحي لأبنائه الأحياء منهم والأموات ، وما تجند حشوده الحي - الرياضيين منهم وغير الرياضيين
- قبل أيام ، وتسابقهم لتكريم ابن حيهم البار وفقيدهم الغالي مولاي ادريس العلوي لمراني
، إلا دليل على ذاك السلوك الإعتيادي السامي والنبيل ، وتعبيرهم من خلاله عما تركه
رحيله من أثر بالغ في نفوس أهله وأصدقائه ومحبيه ، الذي سيبقى مخالدا في ذاكرتهم و
وجدانهم ، ابنا واخاً وأبا وصديقا وجارا ، وعلى الخصوص عشاق كرة القدم من جمهور فريقه
"الوداد الرياضي الفاسي" الواف" ، الذي أحبه وخدمه بقلبه وروحه وفكره
، وكان نجمه الذي بذل قصارى الجهود لخدمته باخلاص وفعالية لسنوات طويلة ، والذي قررت
جمعية قدمائه تنظيم مباراة تكريمية لروحه الطاهرة بشراكة مع فريق "قدماء النادي
الرياضي المكناسي" على أرضية الملعب الخاص بمدرسة النادي بالسعديين ، الذي كان
دائم الحضور في ميادينه ، ولم تزال روحه تحوم في أرجائه ، ويُسمع رنين صوته وعذب حديثه
في رحابه ، وتسطع بسمة ثغره و بهاء طلعته على آفاقه .
وللتاريخ ، فإن ما قدمته الجماهير الغفيرة
خلال احتفالية التكريم المستحق ، لأكبر دليل على المكانة التي احتلها مولاي ادريس-قيد
حياته- في قلوب محبيه من جماهير "الوداد الرياضي الفاسي" وعامة ساكنة فاس
الجديد ، التي أبت جموعها العميمة إلا أن تشارك في الاحتفاء به "كفاسجديدي"
خلوق ، ونجم متواضع لم تسرقه النجومية من صلاته الطيبة بساكنة الحي ، الذي دخل قلوب
وأذهان جماهيره بدون استئذان ، ولن يغيب عنها أبدا ، لأنه من الذين يموتون لكن لا يرحلون..
وكلي يقين ، أن هذه البادرة الطيبة لن تفي
بحق مقام المرحوم ولا بمقداره ، ولكنها تبقى أبلغ تعبير ، لا بد منه ، عن وفاء نابع
من اعماق محبين لرجل استطاعت أخلاقه الرفيعة وتميزه الفائق ، أن تكسب ود واحترام الجميع
دون استثناء.
فجزيل الشكر لكل من فكر هذا التكريم ، ووافر
الامتنان لكل من بذل الجهود في تحضير مراسيمه ولم تنتظر العطاء
، وكل التقدير لمن تألق في حضورَه
رغم صعوبة الظروف ، وكل التحايا لمن تجاوب وتفاعل وعبّر بحماس عن مكنونات صدره تجاه
المكرم ، وكل التعاطف مع من بكى ومن دمعت عيناه على رحيل مولاي ادريس الذي كان كبيرا
في حياته وكبيرا في مماته ويستاهل كل هذه المحبة وهذا التقدير وأكثر منه بكثير.
فيا ليتك يا مولاي ادريس كنت حاضراً لترى
محبتك وقدرك لدى جميع محبيك من ساكنة حيك الذي أحببته وخدمته بقلبك وروحك وفكرك ، والذي
ستبقى خالداً في ذاكرة أهله وعلى رأسهم جمهور "الواف" الذين سيبقى إسمك موشوما
في ذاكرتهم ووجدانهم لاعبا واداريا وانسانا أصيلا نبيلا شرفا صادقا وطيبا
.
ووداعا أيها الأخ الكريم ، ونمّ قرير العين
أيها الصديق الجليل، ورحمك الله وغفر لك ذنبك ، وطيب ثراك وجعل الجنة مثواك ، وكل تعازينا
إلى كافة أهلك وأحبابك وأصهارك وأصدقائك ومعارفك ، الذين نسأل المولى تعالى أن يربط
على قلوبهم بالصبر ويمنحهم عظيم الأجر، أنه سميع مجيب