في بَلَدٍ جارٍ
شقيق، يَنْشَطُ في انتقاد التعْتيم على غياب الرئيس، فيَصْدُرُ عن رأيٍ حصيف، ومنطقٍ
سليم.
ثم لا يلبثُ أن
يُعلن إيمانه بحق تقرير المصير، لِجُزْءٍ مُقتطعٍ من بلدٍ أصيل، شِيءَ له أن يكونَ
حَجَرَ عثرة في طريق الوحدة والتشييد.
وَدِدْتُ لو أجال
طرْفَه، وأعْمل فكرَه بإمعانٍ وتمحيص، بين مُسلسلِ نماءٍ وتطوير، ووَعْدٍ بإسنادِ حُكْم
وتدْبير، وواقع حَجْز وتقييد، وصراع وتيئيس.
عَجِبْتُ لأمره،
وهو اللبيبُ الأريب، كيف لا يُقلِّبُ صفحاتِ التاريخ ليقفَ على ما صنعه الاستعمارُ
ببلد مُوَحَّدٍ عزيز من تقطيع وتفتيت.
لو كان ما يُنافِحُ
عنه كِياناً ذا حضورٍ وعُمْقٍ ورصيد، لجاز التداولُ وتباحثُ مُسَوِّغاتِ الاستفتاء
والترجيح.
أمَا والأمْرُ
لا يَعْدُو رغبةً جامحة في انفصالٍ وتحقيقِ ذات، وإعمارِ خلاء، فهو مرْدودٌ بمنطق أن
الخير كلَّ الخير في الوحدةِ واللَّمَّة، وأن الضعفَ والوهنَ في كلِّ شتاتٍ وفـُرْقة
قرابة نصف قرن
مَرَّ من الزمان، لو تضافرتْ فيه جهودُ الجيران، على تقارُب الأوطان، ووحدة الأرومة
واللسان، وتكامل الخيرات، وامتداد الشطآن، لكان لِهَيْبةِ الجيران شانٌ أيُّ شان، ولكان
الإقلاعُ وتحقيقُ الازدهار في كل مضمار.
ولكنَّ المُكابرة
والعناد، ولَوْكَ اللسانِ بمعزوفةٍ لا يُقرُّها عقلٌ، ولا يَسْتسيغها وجدان، جمَّدتِ
الأوضاع، وعطلتْ مسلسل النماء، وأدخلت الجوار في صراع المائة عام.
فيا أيها المستنيرون،
وأنتمْ معقِدُ الأمل، وعليكم الْمُعَوَّل، في كل تداركٍ وصحوةٍ وإصلاح، انبُذُوا أسباب
الخلاف والصراع، وعقيمَ الجدال، وتنادوْا لِحِوَارٍ وتصافٍ ووداد، تُزْهِر الأقطار،
ويَحْلُ العيشُ ويَعُمّ الخيرُ والوئام والسلام.