فندت سفارة المغرب
بتونس ما تضمنته حصة إذاعية لإحدى المحطات التونسية الخاصة، من مغالطات وتزييف للحقائق
حول قضية الوحدة الترابية للمملكة.
وقالت السفارة،
في بيان حقيقة، اليوم الاثنين، إن الحصة الإذاعية لبرنامج “ميدي شو”، الذي بثه راديو
“موزاييك”، يوم الجمعة الماضي، تخللها “قدر غير هيّن من المغالطات والأراجيف بخصوص
تطورات قضية الوحدة الترابية المغربية، بشكل تعمّد ترك حقائق التاريخ والأرض والسياسة
جانبا، ليقدم للمستمعين وجبة بائتة – من زمن الحرب الباردة – محشوّة بالأكاذيب السخيفة
ومُطعَّمَة بكثير من توابل الإيديولوجيا البالية”.
وأوضحت السفارة
أنه على مستوى الحقائق التاريخية والقانونية “ليس ثمة حاجة فعلية لمزيد التأكيد على
حجج مغربية الصحراء، ذلك أن الرأي العام التونسي يُدرك صميم الإدراك أن مغربية أراضي
الصحراء من حقائق التاريخ التي لا تعوزها أدلة القانون الدولي، سواء تعلق الأمر بقرارات
الأمم المتحدة أو رأي استشاري شهير لمحكمة العدل الدولية، فضلا عن منظومة كاملة من
الاتفاقيات الدولية للمغرب مع الدول الكبرى قبل نهاية القرن التاسع عشر”.
وذكرت، في هذا
الصدد، بأن “جهود مغاربة الشمال وإخوتهم بالصحراء تلاحمت داخل ملحمة التحرير الوطني،
ولذلك سيتوج مسار استكمال الوحدة الترابية المغربية باسترجاع المغرب لصحرائه عام
1975 من خلال المسيرة الخضراء الخالدة، لينطلق بعدها في كامل ربوع الصحراء المغربية
عهد جديد من البناء والتشييد تُؤكّده اليوم كبريات الحواضر داخل أقاليمنا الجنوبية”.
وأضاف المصدر ذاته،
بخصوص تكييف النزاع الإقليمي والمسار الأممي، أنه “إذا كانت إيديولوجيا الانفصال المختبئة
وراء نزوعات الهيمنة الإقليمية قد استثمرت طوال سنوات في أسطوانة “تقرير المصير” ذات
الرنين المتناغم مع سياقات الحرب الباردة، فإن تطورات ملف الصحراء المغربية داخل أروقة
الأمم المتحدة قد شهدت تحولات لافتة، لعل أبرزها تحقق القناعة المطلقة بتعذر خيار الاستفتاء
وعدم واقعيته، مقابل بناء مرجعية أممية جديدة تتأسس حول الحل السياسي المتفاوض بشأنه”.
وأكد أن “هذا ما
جسّده المغرب منذ 2007 عندما تقدم بمقترح منح الحكم الذاتي للصحراء في ظل السيادة المغربية،
الذي يحظى اليوم بمطابقته لكل العناصر المرجعية للحل الأممي باعتباره حلا سياسيا واقعيا،
براغماتيا، جديا، وذا مصداقية، كما يوصف عادة في أدبيات الأمم المتحدة”.
وقال إن “تواجد
المغرب فوق صحرائه، والدينامية الخاصة للواقع على الأرض التي تجمع مسارات التنمية الاقتصادية
والتمثيل السياسي والانفتاح الحقوقي، جعلت أطروحة الانفصال ومن يقف وراءها، تعيش عزلة
دولية ومأزقا داخليا، حيث يبدو اليوم أن مشروع الدويْلة الوهمية الفاشلة والعاجزة عن
الاستحقاقات الإقليمية المعقدة والمسلوبة القرار، مشروعا أقرب في حظوظ حياته إلى الخرافة”.
وأبرز أن “تسارع وتيرة افتتاح القنصليات العامة في
الأقاليم الجنوبية من دول إفريقية وعربية وغيرها، بما هو تعزيز للتواجد الدبلوماسي
الدولي داخل الصحراء، يُمثّل رسالة إلى المجموعة الدولية حول عدم رجعية مسلسل تأكيد
مغربية الصحراء، تماما مثل ما شكله الالتفاف الدولي الواسع حول خطوة المغرب لتأمين
المعبر الحدودي بالكركرات من تعبير جليّ على بؤس المغامرة اليائسة للانفصاليين، وهي
تحاول عبثا تغيير المعطيات الميدانية والحيلولة دون تواصل المغرب مع عمقه الإفريقي”.
وبخصوص اعتراف
الولايات المتحدة الأمريكية بسيادة المملكة المغربية على كافة منطقة الصحراء، ذكر بيان
الحقيقة أنه “تعزيزا لدينامية ترسيخ مغربية الصحراء، وتتويجا للجهود الدبلوماسية لجلالة
الملك محمد السادس، أصدر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مرسوما رئاسيا يقضي باعتراف
الولايات المتحدة، لأول مرة في تاريخها، بسيادة المملكة المغربية الكاملة على كافة
منطقة الصحراء المغربية”.
وأكد أن هذا “القرار
يعتبر الحكم الذاتي الحقيقي تحت لواء السيادة المغربية هو الحل الوحيد القابل للتطبيق”،
مبرزا أن “هذا الموقف القوي، التاريخي والنافذ، تعبير عن دعم مطلق لمغربية الصحراء”،
وأن “خطوة فتح قنصلية أمريكية بمدينة الداخلة ستشكل أول تجسيد لفورية آثاره”.
ومن جهة أخرى،
ذكر البيان ب”الالتزام الدائم والموصول للمغرب في الدفاع عن عدالة القضية الفلسطينية،
وبانخراطه البناء من أجل سلام دائم بالشرق الأوسط، ذلك أن المغرب متمسك بثوابته القائمة
على حل الدولتين وعلى اعتبار المفاوضات سبيلا وحيدا للوصول إلى حلّ نهائي ودائم وشامل”.
وتابع أن جلالة
الملك محمد السادس، بصفته رئيسا للجنة القدس، متمسك أيضا بضرورة الحفاظ على الوضع الخاص
لمدينة القدس الشريف، و”لذلك فقد عبر جلالته للرئيس الفلسطيني محمود عباس أبو مازن،
في اتصال هاتفي يوم الخميس الماضي، على أن المغرب يضع دائما القضية الفلسطينية في مرتبة
قضية الصحراء المغربية، وأنّ عمل المغرب من أجل ترسيخ مغربيتها لن يكون أبدا، لا اليوم
ولا في المستقبل، على حساب نضال الشعب الفلسطيني من أجل حقوقه المشروعة”.
وخلص بيان الحقيقة
إلى التأكيد على أن “الحدث – داخل هذا السياق المركب – بالنسبة للمغاربة يبقى بالأساس
هو التفاعل مع مكتسب دبلوماسي كبير وتاريخي يعزز دينامية ترسيخ مغربية الصحراء. ذلك
أن الصحراء تظل بشكل مطلق قضية المغاربة الأولى، وموضوع إجماع وطني عميق، وعنوانا مكثفا
للوطنية المغربية الحديثة، وهي بذلك بوصلة مستحقة للمصلحة العليا التي توجه المغرب،
الدولة الوطنية العريقة”.