adsense

/www.alqalamlhor.com

2020/12/26 - 7:14 م


 بقلم الأستاذ حميد طولست

في ظل تكاثر تجار الإنتخابات وصناع الوهم "اللي كيجيبو الجنة على ظهور الجمال" كما يقال في دارجتنا المغربية ، والذين تعج بهم الساحة السياسية ، تبقى العملية الإنتخابية في الوطن العربي عامة والمغرب على وجه الخصوص، مجرد مشاعر انفعالية خارج نطاق العقل وقدرته على إقامة حياة سياسية  سليمة أساسها الديمقراطية القيم الإنسانية المحْتَكِمة على مبادئ الكفاءة والمردودية والتنافسية الشريفة بين الأحزاب والنخب المجمتعية والشخصيات العامة التي من الفروض فيها تمثيل الناس ، والتعبير عن أحلامهم وأمانيهم ، من خلال البرامج السياسية الرزينة البعيدة عن الرؤى الأبيسة والدعايات الانتخابية الخداعة المبالغ فيها ، والإشهارات المموهة غير الصادقة ، التي لا تخدم غير مصالح  الكيانات الإنتخابية ، واللوبيات الانتهازية، والوسطاء الوصوليين، وكل الذين لا يرغبون مشاركة أحد لهم في غنائم مناصب تسيير الشأن المحلي والوطني ، الذين يحسبون أنهم الأجدر بها ، ويعملون كل شيء من أجل الوصول إليها، وإدامة المكوث بها ، بالاجتهاد في الحيلولة دون اختراق غيرهم لها ، التقليد الذي بات أمرا مألوفا وظاهرة شائعة بين مزوري الانتخابات المتمترسين خلف الدين ونسبية المبادئ وحربائية الموقف استعراض البطولات الوهمية والإنجازات الخرافية، والفتوحات الدنكيشوطية التي تنتعش مع كل استحقاق، أحيانا بخبث شديد وتارة بغباء اشد، بتواطؤ مع جل الأحزاب والنخب السياسية اليسارية منها واليمينية، اللبرالية و الإسلامية، التي أثبت غالبيتها- إن لم تكن جميعها- أنها لا تسعى إلا لتسلق سدات الحكم واعتراش الكراسي على حساب مآسي الشعب، ما نمى التسيب الإنتخابي ليصل إلى أعلى درجات السفه واللامنطق ، الذي يصيب المواطن السليم المعافى بالدوخة والدوار، حين لا تقع عينه في زخم من تقدم من المترشحين لتمثيل الدائرة التي تسكنها ، على اسم واحد يعرف صاحبه ، فهل هي فعلا ظاهرة صحية في مصلحة الوطن والمواطنين ، كما يدعون؟ أم هي تعبير صريح على حيوية الحركة السياسية ، ورغبة المواطنين الصادقة في المشاركة الفعالة فيها خدمة الوطن والمواطنين ، كما يفترون؟ أم أن المسألة لا تتعدى - عند الكثيرين - مجرد مغامرة وتجربة حظ "إلى جات ولينا من أعيان البلاد، وإلى مشات ما خسرنا والو، و تشهرنا بين العباد"؟. أم هي زوبعة يراد من ورائها مجرد تحريك الجو السياسي الراكد، حتى يقال عنا أننا في بلد ديمقراطي؟.

وإذا لم يكن لا هذا ولا ذاك ، فما الذي حدا بهذا الجيش العرمرم للترشح للمناصب حساسة في حياة الشعوب، بدون كفاءة ولا منهجية استراتيجية متكاملة ورصينة ؟ أهو إستهال العمل النيابي وابتذاله ؟ أم هو عزوف النخب الوطنية الرزينة عن المشاركة المكتفة في الاستحقاقات التي تُمكن من لا يستحق من فرص الفوز؟.. أم هي قلة محاسبة ومراقبة الشعب للمنتخب على هفواته وأخطائه وجرائمه التي تفوت على البلاد فرص النمو والازدهار؟.

ومما لا شك فيه أن السبب الأول والأخير في كل ذلك ، هو المواطن الذي لم يزود بعد بمناعة ضد تصديق كذب كل متسلق أفاق مريب متطلع لمنصب يعفيه من كل القيود المفروضة على غيره من المواطنين، تجاه العبث بخزائن المال العام.