بقلم الأستاذ حميد
طولست
إذا كان ماضينا
الإنتخابي سيئا ، فمحزن أن تكون العملية الانتخابية القادمة سيئة ، والأشد حزنا أن
يروج البعض بأنها ستكون أسوأ من سابقاتها ،
وأن الأطماع الإنتخابوية ستقوض معايير أخلاقياتها ، وأن المصالح السياسوية ستضرب قيم
التكافئ ومبادئ التنافسية في ممارستها ، وأن الفساد سيؤثر على نزاهة عملياتها ويجير
نتائجها ، وغير ذلك من التكهنات الكاذبة التي يراد بها تجار الإنتخابات، إفقاد جمهور الناخبين ثقتهم بجدوها ، والكفر بقيمها
المعنوية ومبادئها الأساسية ، والدفع بهم إلى التقوقع على الذات والانعزال عن عوالمها
، والعزوف عن المشاركة فيها، والزهد في تطوريها والتقدم بها .... ، الهدف الأقسى والغاية المثلى التي يرجو تحقيقها
الكثير من أنصاف السياسيين ، الذين لا هم لهم
إلا الإسحواد على السلطة عن طريقها ، وإدامة البقاء فيها ، ولو أدى ذلك بمصالح
الأوطان والمواطنين إلى المنزلقات الرهيبة والمآسي الكارتية ، التي يتألم لها المواطن
الواعي والمتسيس، ويضطرب بسببها الإنسان البسيط ،
ويتأسفون جميعهم على وقوعها ، دون أن يسعى أي منهم ، مع السف الشديد ، لتغيير
واقعها الملوث ، أو تطوير أحوالها المتخلفة ، والحيلولة دون تكاثرها وانتشارها في كل
الأوساط ، ويكتفين بالبكاء على الذات وإغراقها في المظلومية ، وتحميل الأغيار مسؤولية
ما يعيشونه مع بؤسها ، الذي هو من صنعهم ، وقرار تغيير حاله وإصلاحه ضعه بأيديهم ،
وليس بأيدي من يلومون من عقلاء الأمة ومناضليها
الوطنيين الحقوقيين والسياسيين ، الذين يتهمونهم بعدم تحمل مسؤوليتهم حيال فساد الإنتخابات،
والتزامهم الصمت عن مختلف المشاركين في افساد عملياتها ، وتقاعصهم عن صدها أو إيقافها، وهم يعلمون أن مسؤولية
مواجهة الفساد لا تقع على فئة أو شخص دون آخر، فالجميع محاسب به وعنه ، والكل معني
بالحفاظ على نزاهته التي يبقى قرارها بأيدينا إن أردنا الإصلاح والتغيير حقيقة.
وحتى نكون أكثر
واقعية ولا نلقي اللوم على غيرنا من عقلاء الأمة ومناضليها ، الذين هم ،ربما ، معذورون
في ذلك لأسباب كثيرة ، أذكر منها على سبيل المثال لا الحصر 1: أن وقوف أي كان في وجه
الفساد يجر عليه عداء كل الجهات الفاسدة والداعمة له والسابحة في فلكه، والكثيرة جدا
والمتآزرة جدا،2: أن أكثرية الناس لا تنتصر للحق والمواقف الصحيحة وإن كان في مصلحتهم،
مطبقين المثل المغربي الدارج: "بعد من البلى لا يبليك" والذي يطابقه عند
إخواننا المصريين "ابعد عن الشر وغني لو".
وإلى اللقاءه بحول
الله في حلقة أخرى من سلسلة " معضلة الإنتخابات ".