بقلم عبد الحي
الرايس
في إغفاءةٍ مَشُوبةٍ
بتوتُّرٍ وقلق، إشفاقاً مما آل إليه حالُ جيرانٍ أشاوس من أمازيغ وعرب، رأيتُ فيما
برى النائم نُخبة مُستنيرة تداعتْ إلى لقاءٍ للتنادي والحوار، وإعمالِ العقل التماساً
للحكمة والاعتبار، فانْبَرَى مُنْصِفٌ منهم مُتسائلاً: ما الذي جنيْناه من طول مُدَّة
الشقاق والنزاع؟! غير تأبِيدِ الصراع، وتكثير
الْجِياع، وإيثار اقتناءِ السلاح على الإعمار، وتحيُّنِ فُرَصِ المُناوأةِ والاقتتال،
ثم ماذا غير تكريس التخلف، وتعطيل مسلسل النماء؟ !
وأقبل آخرُ مُضيفاً:
إن هي إلا رِدَّة ٌوارْتكاسة في الجاهلية أيام كانتْ حروبُ الثار كحرب البسوس، وداحس
والغبراء تمتدُّ لعقودٍ وأجيال.
وأبى خطيبٌ إلا
أن يُدْلِيَ بدلْوِه، فاسْتحضر قولَه تعالى:"وإن طائفتان من المومنين اقتتلوا
فأصلحوا بينهما، فإن بَغَتْ إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبْغي حتى تفيء إلى أمر
الله"وأضاف موضحاً: ليس لزاماً أن يكون الانخراط في اقتتال، ولكنْ يكفي أن يُعْلَنَ
الانحيازُ إلى الطائفة المسْتهدفة، وعزلُ الفئة الباغية إلى أن ترْعويَ وتجْنح للسلام
وتكُفَّ عن العُدْوان.
وتحدَّث عالِمُ
مُسْتقبليات، فذكَّر بما كان عليه حالُ دول أوربية في مطلع القرن العشرين من اكتساحٍ
واجتياح، واستحكامِ عَداءٍ واقتتال، وما انتهتْ إليه من تصافٍ ووئام، وتكامُلِ الاقتصاد،
وتوحيدِ العُمْلة والتطلعاتِ والأحلام، حتى لكأن الحدودَ بينها ضرْبٌ من الأوْهام.
وأضاف مخاطِباً
الشباب: أنتم مَعْقِدُ الأمل، تحرَّرُوا من الْعُقَد، مُدُّوا أيْديَكم للتصافي، دُوسُوا
الخلاف،
افتحوا الحدود،
وانْبُذوا الصراع، وحِّدُوا العملة وكامِلُوا الاقتصاد، ستكتشفون كنوزاً مخبأة في دياركم،
في أرصدتكم الاجتماعية واللغوية والحضارية ، اجْلُوهَا وانْفضوا عنها غبار الأثرة والتجافي،
ستقفون على تراث يرقى بكم نحو الأعالي.
وأفقتُ على دوي
أخبار تذكي الصراع، ولا تلقي لصوت الحكمة أي اعتبار، فالتمست معاودة الإغفاء علني أنعم
بما يُثلج الصدر، ويدغدغ الأماني.