بقلم عبد الحي
الرايس
يَسْمُو الإنسان،
فيُسَالِمُ أخاهُ الإنسان، ولا يَصْدُرُ عنه إلا نبيلُ الأفْعالِ، جميلُ الأقْوال.
ويَسِفُّ ويتدنَّى،
فتُلْفِيهِ بِبَذِيءِ القول يتلَهَّى، وبِرَدِيءِ الفعل يَتزَيَّى
ورؤساءُ الدول،
قادتُها وزعماؤُها نَمُوذجُها ومَثلُها الأعلى يُفترَضُ فيهم أن يكونوا صانعي سلام،
ومصدرَ حِكمة وحُسْنِ خطاب، فتتأسَّى بهم العامةُ قبلَ الخاصَّة، ويَشِيعُ الخيْرُ
في دِيارهم، والسماحةُ في رُبُوعِهم.
فإذا حَادُوا عن
ذلك، وركبوا مَوْجة الانفعال، أذْكَوْا الصراع، وعلَّمُوا الأحْقاد، وألْهَبُوا النزوعَ
إلى الثأر.
ومٍثْلُ ذلك لا
يَبْني مَجْداً، ولا يَرْفعُ مقاماً، وإنما يَهْوِي بالقول إلى ساقط الخطاب، وبالفعل
إلى دَرَكِ الاِبْتِذال.
والأنْبياء، رُسُلُ
الخالِق إلى بني الإنسان، بَشَّرَ المُتقدِّمُ منهم بالآتي بَعْدَه، وحَثَّ المتأخرُ
منهم على احترام وتمْجيدِ سابقيه، فكانوا وما زالوا هُداةَ الإنسان، ودعاةَ خير وسلام،
ورُمُوزَ سماحةٍ ومَكَارِمِ أخلاق.
لا ينالُ منهم
مُتطاولٌ ولا وضيع، ولا صعلوكٌ ولا وجيه.
تتالَوْا وتتابَعُوا،
وبكل خيْرٍ بَشَّرُوا، فإذا انتهى الأمرُ إلى خاتِمِهم قصَّ قَصَصَهم، وأجْمل أخبارَهم،
ومَجَّدَ أعمالَهم، ودعا بني الإنسان كافةً إلى خالص العبادات، وصادق المعاملات، وكامل
الصفات، وسامي الممارسات.
وأجْمَلَ رسالته
فيما أُثِرَ عنه صلى الله عليه وسلم " يا أيها الناس ألا إن ربكم واحد، وإن أباكم
واحد، كلكم لآدم، وآدمُ من تراب، إن أكرمكم عند الله أتقاكم، ألا لا فضل لعربي على
أعجمي، ولا لعجمي على عربي، ولا لأبيضَ على أسود، ولا لأسودَ على أبيض إلا بالتَّقْوى"
ومن أسَفٍ أن كثيرين
حادُوا عن الصواب، فأذكوْا الحروب، ومايزوا بين الشعوب، وأحْدثوا بين الناس المراتبَ
والصُّنُوف.
ولوْ هُدُوا واهتدَوْا
لأشاعُوا طيِّبَ القول، ولعمَّمُوا العدلَ والإخاء، والتسامحَ والسلام، وتكافؤَ الْفُرَصِ
بين بني الإنسان.