بقلم الأستاذ حميد
طولست
لم أحتر في أمرٍ
بقدر ما تحيرت في أمر اليوم العالمي للمرأة لهذه السنة ، وتشتت أفكاري حول ماذا يجب
أن أقوم به نحوها في مثل هذه المناسبة التاريخية التي يخلدها بعض المغاربة احتفالا
بالمرأة ، ويقدمون خلالها التهاني والتبريكات وباقات المتمنيات.. لم يستقر رأيي على
شيء ، وأخذني التفكير في دوامة الأسئلةٌ المحيرة ، وداهمت ذهني الشكوك والتساؤلات حول
مصداقية هذه الاحتفالية وجدوى تهنئة كائن يعيش أوضاعا مأساوية .
إذ كيف لي أن أبارك
لإمرأة لم تتحرر بعد من قيود الجهل ، والعنف ، والتحرش ، المفروض عليها من طرف الانتهازية
الذكورية المنسوبة إلى دين الله وشرعه .
كيف يمكن لي تهنئت
إمراة بعيد لا يعدو مجرد تظاهرات إعلامية لا يتحقق من ورائها أي تحرر أو إنعتاق .
كيف يمكن ذلك وقد
أصبحت المرأة في زمننا سلعة يتم سبيها واختطافها واستحلالها وتشريدها واغتصابها بشكل
لم يسبق له مثيل .
أي تهنئة يمكن
أن تقدم لإمرةٍ تسبى وتُهان وتباع في سوق النخاسة على مرأى حماة ورعاة قضيتها ، وعلى
مسمع من مسؤولي حقوق الإنسان وواضعي وبنوده
والمدافعين عن حريتها.
فأيُّ تهنئة عيد
ٍ يمكن أن تهنأ بها إمرأة مسبّية جسدا وكيانا ، وأي احتفالية بعيد مادام هناك رجل دين
يغرد عبر الفضائيات بجواز نكاح الصغيرات ومفاخذة
الرضيعات .
كم وودت أن أهنئ
المرأة المغربية في يومها الوطني هذا ومن خلالها كل نساء العالم ، لكني وجدت أنهن لسن
في حاجة للتهاني ، بقدر ما هن في حاجة للتعازي والمواساة على ما كابدن من أقسى أنواع
العنف الروحي والعاطفي ، وأشد أشكال التعديب الجسدي والإستيلاب العقلي ، وأمر اساليب
الغدر والطعن في هويتهن وتاريخهن البشري ، على يد من يدعون بتمثيل ربهن العظيم ، يتظاهرون
معرفة تعاليم دينه ، وهم أشد خلق الله جهالة به ، وأكثرهم عدوانية له ، وأفظعهم إدعائية
وتمنطقا بألفاظه التي لا يتمسكون منها إلا بما ساير أهواءهم وتتماشى مع مفاهيمهم التي
لا يرومون منها إلا السيطرة على هذا المخلوق الرقيق ومنعه من التمتع بما حباه الله
من حرية وكرامة ، وإبقائها حبيسة ظلمات المغارات ، وعتمات الأقبية ، والبسة الانعزالية
الطامسة لمعالمها الأنثوية وملامحها الجمالية ،التي يخشى فتنتها من استمرؤوا قهرها
بما اعتادوه من إخراج آيات كتاب الله وسوره عن سياقها لتبرير السادية الذكورية التي
تبعث في نفوسهم المريضة النشوة الفرانكشطانية.
ومع ذلك أرفع لهذا
الكائن العظيم ، الذي تطحنه آلام ومسؤوليات الحيض والولادة وتربية الاجيال ، كل قبعات
تحايا التقدير والإجلال وأتقدم لهن بأحر التهانى وأخلص وأوفر التبريكات بعيدهن ، وادعو
من قلبي بأن تتوحد صفوفهن وتتكاتف جهود تنظيماتهن وحركاتهن النسوية من أجل اقتلاع ظلم
"انكحوا ما طاب لكم" واضطهاد "واجلدوهن وارجموهن واضربوهن واهجروهن
في المضاجع " المحرف عن غايته الإلاهية ، والقطع معه بصفة جذرية لا تسمح له بالعودة
مرة أخرى تحت أي مسمى وأية أيديولوجية ، اشتراكية أو ليبرالية أو دينية..
وكل عام والمرأة
الغربية في أحسن الأحوال..