بقلم عبد الحي
الرايس
ومنه اشْتُقَّ
التعليمُ عن بُعْد، والعملُ عن بُعْد، والاجتماعُ عن بُعْد، كان ذلك يَحْدُثُ اختياراً،
فألْجَأت جائحةُ 2020 الناسَ إليه اضطراراً، وصار الجميعُ مدعواً إلى الاهتداء بمقولة
"الحاجة أمُّ الاختراع"، ونسْجاً على منوالها يمكن القول: " الحاجة
أمُّ المهارة".
لم يَعُدِ الأمرُ
استثناءً مقصُوراً على الْمُتمرِّسين بالتقنيات المتطورة، وإنما صار مطلباً لكل راغب
في المواكبة والانخراط في تيار ما تُتيحُه التقنية.
وبات على الجميع
في كل المجالات والميادين أن يُفْرِدُوا حصصاً للتكوين والتمْهير.
فعديدةٌ هي القضايا
التي تتطلبُ التباحثَ والحوار، والمعطياتُ التي تقتضي التوضيحَ والبيان، والاختياراتُ
التي تستدعي التداولَ والقرار، كانت من قبل لا تتم إلا بالتنقل والحضور، بكل ما يستلزمه
من تَحَمُّل مَشاق وزحمة مرور، صار بالإمكان معالجتُها وتحقيقُ أهدافها دون عناءٍ وبأقلِّ
مجهود.
ومتى تم تطويعُ
وسائل التواصل عن بعد، وتطويرُ مهارات توظيفها والاستفادة منها أمكن اعتمادُها في التخفيف
من أعباء ترتيب اللقاءات، وتحمل المشاق لحضور الاجتماعات.
في زمن الوباء
ظهرت الحاجة ماسة إلى التواصل عن بُعد في أكثرَ من مجال، فكان التفعيلُ الْمُسرِّعُ
للتمهير، وستختفي الجائحة لا محالة، ولكن سيظل ما تم التمرُّسُ به واكتسابُه مُجْدِياً
في مواصلةِ واستكمالِ التعلم، وفي التخفيف ما أمكن من كثرة الأسفار وحِدَّةِ التنقل.
وفي ذلك فائدة
أيُّ فائدة في التقليل من اختناقات المواصلات، ومخاطر الانبعاثات.
ونخلُصُ إلى ترْديد:
"رُبَّ ضارةٍ نافعة"، فقد خلفت الجائحة على علاتها تعافياً بيئياً، وفي الآن
ذاته أقنعت بأن رفع وتيرة التواصل عن بُعد عَوْنٌ ثمين على جَنْيِ العديد من المُكتسبات،
وتحقيق الكثير من الغايات.