في كل مرة لا تملون
من ترديد شعاراتكم، التي تؤكدون من خلالها حرصكم على مكافحة الفساد والسعي بكل السبل
لحماية المال العام والحفاظ عليه.
وهذا هو النهج
السليم، والاتجاه الصحيح، إلا أن كلامكم يظل مجرد شعارات للاستهلاك، لا تقترن بإجراءات
ترسخه من خلال الممارسات العملية، التي تعزز الثقة في السياسات الحكومية التي تطلع
المواطنين والرأي العام بكل شفافية حول أوجه إنفاق المال العام.
ومع غزو كورونا
للعالم كثر تداول مصطلح الدعم في الخطاب الرسمي للمسؤولين في الحكومة كدلالة على الاهتمام
بالفقراء والمعوزين، محاولة منه لتخفيف آثار الجائحة ، غير أن جزئيات وتفاصيل توزيع
ذلك الدعم انطوت على مفاجآت ومفارقات كبيرة، حيث يحصل الفقراء على الفتات والنصيب الأدنى،
مقابل ذهاب الحصة الأكبر للأغنياء فضلا عن الجهات المحظوظة.
وكان من الأجدى
في هذه المرحلة الحرجة التي نمر بها حالياً، أن تضع الحكومة حسن استخدام المال العام
وحمايته على رأس الاولويات، خاصة مع تراجع الانشطة الاقتصادية وتقلص المصادر المالية
المتاحة، غير أنه في ظل كل هذا الجوع والعوز أقدم وزير ثقافة " الغيطة والطبل"
في حكومة الكفاءات على التكرم بسخاء فاق حاتمية الطائي على توزيع أموال الشعب على مجموعة
من "الفنانين"، مع العلم أن أغلبهم له مشاريعه الخاصة، ومنهم من يعيش خارج
المغرب.
لا يجوز لأي كان أن يأخذ من مال الشعب الفقير بغير
حق، وأنت يا وزير ثقافة "الجود والكرم
"تعلم علم اليقين أن هؤلاء لم يؤدوا أي عمل أسند إليهم يستحقون أن يؤجروا عليه،
فبأي حق يأخذون هذا المال؟!! فهذا من التحايل والغش المنهي عنه شرعاً وعقلا ونقلا واجتهادا
وبقليل حياء.
ولعل ذلك يجد تبريره
بأن أموال الدولة أموال للشعب أمر في غاية الفساد والبطلان، فمال الدولة يسمى مالاً
عاما، ويصرف في مصارف الشعب العامة، يطعم منه
جائعهم، ويواسى منه فقيرهم ومنكوبهم، ومال الشعب منه تصرف رواتب العاملين وموظفي الدولة،
أما أخذه من أي فرد بدون مسوغ فهو سرقة واختلاس، أن تقتطعوا من أجرة من سهر الليالي،
لتهبوها لمن "قصر" الليالي، فتلك جرأة ما بعدها جرأة.
ونحن هنا إذ نناشد
رئيس الحكومة وأعضاء السلطة التشريعية، ممثلي الشعب بصفتهم المحافظين على أمواله والساهرين
على حمايتها !!!!!!!!! وقف الهدر المالي الذي يتسبب به أعضاء الحكومة لتنفيع عدد من
المقربين، أو أولئك الذين لا يحفظون نشيد الوطن "ويبهدلون" رايته في المهرجانات
والملتقيات.
على رئيس البرلمان
تشكيل لجان تحقيق على أرض الواقع لحماية المال العام، ان كانوا بالفعل يريدون الحفاظ
على قسمهم الذين أقسموه بأن يحافظوا على أموال الشعب والدولة وعلى عدم التساهل بهذا
الأمر مع أي كان.
لكن أعود وأقول:
" لله المشتكى" إليه وحده لا شريك له وإليه نلجأ؛ إنما قدَّر كلَّ هذا الفساد؛
ليسمع شكوى الشاكين إليه، ودعاء المظلومين، وتضرُّع الفقراء والمهمشين.
ابراهيم فارح