عرف المغرب خلال
السنوات الماضية ارتفاعا متزايدا للمدارس الخاصة،
في ظل أزمة شاملة تعيشها المدرسة العمومية، ما مهد الطريق أمام هذه المدارس
الخاصة لتعزف على وتر الجودة والتفوق، وتحظى بجاذبية اجتماعية لدى الطبقات الميسورة
والمتوسطة رغم تكاليفها المالية الباهظة.
غير أن أزمة انتشار
وباء كورونا خلال الموسم الدراسي الفائت، مع ما صاحبها من إقرار للتعليم عن بعد، خلق
فجوة كبيرة بين أولياء الأمور وملاك المدارس الخاصة، ما حدا بالكثيرين هذا الموسم للقيام
بهجرة معاكسة نحو مدارس التعليم العمومي، التي لم تكن أبدا مهيأة لاستيعاب الأعداد
الهائلة التي توافدت على مدارس الدولة، حتى وصل الأمر إلى ردهات المحاكم، حيث ألزمت
المحكمة الإدارية لمراكش، يوم الخميس الماضي، مدير مؤسسة تعليمية بالمدينة بتسجيل تلميذ
في السنة الأولى ابتدائي، ما يجعلنا نطرح سؤالا حول مسؤولية الدولة في توفير مقعد دراسي
وتعليم جيد لكل أبنائها.
غير أن كل التحديات
التي رفعتها الدولة كانت محصورة أساسا في الحد
من الاكتظاظ في الفصول والتقليص من نسب الرسوب والتحكم في ظاهرة الانقطاع المدرسي،
وهو ما يجعل المدرسة العمومية إطارا وظيفته تقليص الأمية، ما غيب الرهانات الحقيقية
والنوعية المتعلقة بمراجعة الدور الاجتماعي والعلمي والقيمي للمدرسة، إذ أصبحت المدرسة
منتجا لليائسين والمنقطعين والمعطلين وفاقدي الأفق، بسبب عدم قدرة السياسات العامة
على مواكبة التحولات الاجتماعية.
فالإشكال هنا ليس
في المنافسة التي يحدثها القطاع الخاص للمدرسة العمومية، الإشكال هو في تنامي تعليم
بسرعات متفاوتة بما يقضي على المبدأ المؤسس لكل المجتمعات التي تحترم نفسها، التساوي
في الفرص بفضل المدرسة التي يستطيع الكل أن يتواجد فيها دون قيد أو شرط.
لابأس من التنافس
والتكامل بين القطاعين العام والخاص ولكن الخطر كل الخطر أن تترك الدولة والوزارة الوصية
المدرسة العمومية تموت بموتها البطيء، دون تدخل عاجل وجدي لإنقاذها.
ومن هنا، فإن محاكمة
مدير المؤسسة لعدم تسجيل تلميذ، لا تعدو أن تكون تغطية لفشل الدولة في تدبير ملف التربية
والتعليم.