بقلم الأستاذ حميد طولست
قبل سبعة عقود ونصف العقد ، خرجت للوجود مع فجر اليوم الرابع عشر من شهر شتنبر ، ساعيا للتواجد في عالم لم أكن أعرف عنه شيئا ، وليس لي علم بأجوائه ، وهل ستكون زاخرا باللعب واللهو والمرح والحب والعطاء؟ ، أم أنها لن تتري إلا هوانا وذلا وضعة وحيرة وتيها ، وأن الأيام سيمضي فيها مكدسة بالهم والغم والفشل المريب ، ورغم هذه الحيرة والتيه الذي أبكاني كاي مولود ساعة إنبلاجه ، فقد عشت حياتي دون تشائم ، ولم أحزن ، أو أتأسف ، ولم أنتحب مع أغنية مطرب الإكتئاب فريد الأطرش "عدت يا يوم مولدي ، عدت أيها الشقي" الراقص على الحزن، ولم أرتل بيته الشعري الشائع للمتنبي: عيد بأي حال عدت يا عيد، كما أني لم أتحسر مع أبي العتاهية على شبابه ، ولم اردد شعره العامر بالحزن والأسى :
"ألا ليت الشبابَ يعودُ يوما .. فأخبرهُ
بما فعل المشيبُ "
وها أنا كما كنت
إبان الشباب وريعانه ، لازلت متفائلا أعيش السنين والأعوام بحيوية وعنفوان الشباب، وأحقق الاحلام بفخر واعتزاز
، وأنجب الأحفاد بهمة وصمود ، ضدا في كل الظروف والمعيقات التي تقبلتها بالرّضا والتّسليم،
ونّفس سمحة هيّنة ليّنة أتقبّلها ما يجري به
القضاء والقدر ويحاول أن تجد في كلّ ما يجري حكمة مرضية وإن خالفت هواي مطبقا قوله
تعالى: "فَعَسى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً"
، النساء:19، وأسامح جميع ، من عاداني ، وكل من كرهني ، وكل من حسدني ، وكل مَن أساء
إلىّ ، وكل مَن آذاني ، وأطلب المعذرة ممَن
كنت سببا في أديته بلا قصد ولا تعمد ، لأنه ليس لدى وقت أضيعه في الكراهية والإنتقام
.
وأخيراً و بمناسبة
هذا اليوم يسعدني أن أهنيء نفسي بأهلي وأحبابي وأصدقائي الطيبين الذين تذكروا تاريخ
مولدي ، وأهدوني كلمة طيبة أو إبتسامة صادقة ، وأقول لهم جميعهم : شكرا لكم جميعا من
كل قلبي الذي يكن لكم وافر الحب و كامل المودة، وأسعد الله أيامكم ..