بقلم عبد الحي
الرايس
لَوْ طلبتَ رَأْيَ
المسؤولين لَألْقوْا التبِعَةَ على المواطنين مُردِّدين أنهم كثيراً ما يَسْطـُون على
المواقع، ويُتلِفـُونَ التجهيزات، ويتخلَّصُون من البقايا رَاجِلين أو سائقين كيفما
كان، وحيْثـُما اتَّفق.
ولو تقصَّيتَ الموضوع،
لألفيتَ الفضاءاتِ المُحْتفَى بها، لَحْظِيَّةَ الصيانة، والْمُشِعَّةَ بالبهاء والجمال،
تنشُرُ الْهَيْبة، وتبعثُ على الاحْتِرَام، بَيْدَ أن انْتفاءَ الصيانة، وطغيانَ الإهمال،
كثيراً ما تكونُ مَصْدرَ متاعب، وإغراءٍ بالتطاول.
في عروس الشمال،
لم تَعُدْ تَقَعُ عينك إلا على بُقع خضراء، مُتجدِّدةِ الصيانة، رائعَةِ الإزهار، وفي
مُدُنٍ أخرى بوسط البلاد، تسْتحيلُ البقعُ الخضراء إلى مواقعَ جرداء، ولا يقفُ الأمر
عند هذا الحد، وإنما ينتهي إلى أن كثيراً من التجهيزات تتعرضُ للإتلاف، وتطُولـُها
اللامبالاةُ والإهمال.
فهذه فُوَّهَاتٌ
في عُرْض الطريق بدون غطاء، تتحينُ الفرصة لاستقبال مَارٍّ مُتعَجِّلٍ لِتـُصيبَهُ
بالأعطاب، وهذه إشارةُ توجيهٍ مُتدنيةُ التثبيت تشجُّ رُؤوسَ العابرين ،وتلك حاشيةُ
رصيفٍ حديثةُ عهدٍ بالتسليم، تعْلُو وتحُولُ دون فتح باب السيارة، مُتأبيةً على النازلين.
ولسانُ الحال:
نَبِّهْ ما شِيءَ لك التنبيه، وطالبْ ما عَنـَّتْ لك المُطالبة، فلن تكونَ الأولَ ولا
الأخير .
حكى صديقٌ أنه
قصَدَ إدارةً بمركز المدينة لِتَسَلـُّمِ رخصة سفرٍ من فاس، وعلى مَقرُبةٍ منها وقع
في فـُوَّهَةٍ بدون غطاء، فأصِيبَ بكدَمَاتٍ وأعْطاب، وأنبأهُ مُنقذوه أن الحادثَ تكرَّر،
وأن البعضَ أُصِيبَ بِكُسُور، ورغم تلاحُق التنبيه، ظلَّ الأمرُ على حالِهِ دُون مُجِيب.
وأذْكرُ أن أحدَ
الولاة المُتميزين أَسَرَّ مَرَّة لبعض المُنتخبين: " كي تكونُوا أوفياءَ لمسؤوليتكم
ترجَّلُوا من سياراتكم، وتنقلُوا مُشَاةً مُسْتطلِعين أحوالَ الفضاءاتِ العمومية، ستقفون
على كثير من التجاوزاتِ والأعطاب التي تستدعي التعجيلَ بالتداركِ والإصلاح".
وأرى أن هذا ينبغي
أن يكون دأبَ كل منتخب وتقني ومسؤول، حتى ينتفيَ الإهمال، ويقترنَ الالتزامُ بالاهتمام
والوفاء.
وكم يكونُ رائعاً
أن تظل مقولة عمرَ بن الخطاب تَرِنُّ في أذن كل مسؤول، توقظ فيه الضمير، وتبعثه على
الإشفاق من تبعاتِ الإهمال والتقصير:
" لو عثرت
بغلة في العراق لسألني الله تعالى عنها لِمَ لَمْ تُمَهِّدْ لها الطريقَ يا عُمر ؟"