نشرت صحيفة “صاندي
تايمز” تقريرا أعده ماثيو كامبل عن الملك الإسباني السابق خوان كارلوس، حيث قال فيه
إن خروج الملك من البلاد إلى المنفى كان بدفع من ابنه الملك فيليب الذي حاول إبعاد
نفسه وعائلة بوربون الحاكمة في إسبانيا عن فضائح والده.
وجاء في التقرير
أن خليلة للملك السابق كانت القشة الأخيرة التي جعلت الملك فيليب الذي حل محل والده
ليدفع والده إلى المنفى الذي ربما لن يعود منه أبدا. وفي هذا السياق أشار التقرير إلى
حادثة في ديسمبر 2013 عندما تدفق قادة العالم لتأبين الزعيم التاريخي لجنوب أفريقيا
نيلسون مانديلا في ملعب مدينة جوهانسبيرغ، وكان الحشد كبيرا بدرجة علق فيه القادة في
بهو الأستوديو.
ويقول الصحافي
إنه وجد نفسه إلى جانب ولي العهد الإسباني الأمير فيليب، الذي تجمدت ابتسامته الدافئة
عندما رأى امرأة شقراء ترتدي فستانا أسود قصيرا تقدمت نحوه، وابتعد عنها. وكانت هذه
هي كورنينا زو سيان ويتجنستون، الشخصية الرئيسية في الفضيحة التي ضربت العائلة الإسبانية
المالكة، فهي مغامرة دنماركية أعادت إنتاج نفسها كأميرة ألمانية ثم خليلة لملك إسبانيا،
والد فيليب.
وبعد سبعة أعوام،
أصبح فيليب ملكا وأخفى والده عن الأنظار في محاولة منه للحفاظ على العائلة المالكة
من “أمور قد تحدث”، خاصة أن كارلوس كان مهووسا بها وبرزت من حساب مصرفي سري إلى هدايا
مالية ضخمة وعقود تجارية تحوم حولها الشبهات وتم التحقيق بها في مدريد وجنيف.
ويضيف كامبل أن
الرواية الرسمية تتحدث عن خروج طوعي للملك السابق من بلاده، إلا أن التقارير الموثوقة
تقول إن الملك فيليب دفع والده البالغ من العمر 85 عاما للخروج عندما تبرأ منه علنا
لكي يبعد العائلة عنه ومشاكله.
وقال الكاتب إن
التوثيق للحكاية غير المجيدة عن المال والحب التي لعبت فيها سيان ويتجنستون الدور المحوري،
فهل ستدخل في كتب التاريخ بأنها المرأة التي أغرقت مركب عائلة بوربون؟
ويقول إنها ولدت
لأب دنماركي وأم المانية باسم كورينا لارسن وأصبحت كورينا أدكينز بعد زواجها من مصرفي
أمريكي ثم رفعت وضعها لأميرة ألمانية وظلت تقدم نفسها كأميرة حتى بعد انفصالهما. ونشأت
في فرانكفورت وريو دي جانيرو حيث عمل والدها في شركة الطيران البرازيلية فاريغ. ودرست
القانون الدولي بجامعة جنيف وتتحدث بخمس لغات وتعرف كل شيء يتعلق بالبنادق.
وعندما التقت مع
الملك كارلوس أثناء رحلة صيد في عام 2004 في قصر دوق ويسمنستر في إسبانيا كانت تعمل
مع شركة صناعة البنادق موس أند كو البريطانية. وكان دورها كمسؤولة علاقات عامة هو الاختلاط
بالأرستقراطيين وأصحاب المليارات، كان عمرها في ذلك الوقت 39 عاما أما الملك فقد كان
66 عاما.
ولد خوان كارلوس
في عام 1938 وقضى طفولته في إيطاليا وسويسرا وإيستوريل في البرتغال، والتي كانت ملتقى
لأبناء العائلات المالكة الأوروبية في أثناء الحرب العالمية الثانية وعندما كانت البرتغال
محايدة وظلت العائلة الحاكمة في إسبانيا بالمنفى بسبب الديكتاتور الفاشي الجنرال فرانسيسكو
فرانكو. وكان كارلوس في ذلك الوقت يشعر بالخجل لأن عائلته اعتمدت على صدقة العائلات
الثرية.
وقال أحد أفراد
الدائرة المقربة منه “كانوا يعيشون في فقر مدقع ويكافحون للعيش” و”أحيانا كانوا يجوعون
ويذهبون إلى أصدقائهم الأغنياء حتى تتم دعوتهم إلى حفلات الشاي ويحشون أنفسهم بالفطائر”.
وبعد أن تولى الملك كارلوس العرش أراد التأكد عدم تكرار الإهانة التي عانتها العائلة،
وأصبح مهووسا بالمال. وكانت هناك آلة لعد المال في القصر. ومثل دراما شكسبيرية كانت
نقطة ضعفه أمام المال هي التي أدت إلى سقوطه، وبالطبع المال والنساء. فوسامته وهندامه
الجميل جعل الملك كارلوس يعيش حياة سريعة، فحبه للبنادق ظل معه حتى بعدما أطلق النار
وهو في سن الـ18 عاما بالخطأ على شقيقه الفونسو، 14 عاما.
وكملك أصبح بطلا
عندما أحبط محاولة انقلابية عام 1981 ولكنه لم يتخل عن عادته في ملاحقة النساء وعلاقاته
الغرامية التي أدت إلى ملاحقات قضائية عدة له من نساء زعمن أنهن أنجبن منه وخلافات
وانفصال مستمر مع زوجته صوفيا، الأميرة اليونانية. وظلت صوفيا تعاني من خياناته الزوجية
بصمت، وكانت أقساها في بداية زواجهما عندما أرادت مفاجأته وحضرت بدون إعلامه إلى مقر
الصيد لتمسكه بالجرم المشهود.
وبحسب كاتب واحد
من كتاب السير الملكية، فلم يناما على سرير واحد منذ ذلك الوقت. وبحسب مقرب من العائلة
المالكة كانت سيان ويتجنستون “مختلفة عن بقية صديقاته” و”مع كورينا كان حبا من النظرة
الأولى، وأفقدته عقله”. وفي بعض الأحيان بدا وكأنها تقوم بدور صوفيا، حيث رافقت الملك
في بعض رحلاته الخارجية إلى الخارج. وأصبحت تعيش مع ابنها الأمير ألكسندر في إلباردو
التي تبعد 12 ميلا عن مدريد. ومنحها مسؤولو الأمن التابع للملك اسما مشفرا “إنغريد”،
على اسم والدتها إنغريد سورلاند. ولم تهتم الصحافة الإسبانية بمغامرات الملك لدرجة
أن أحدا لم يسمع باسم سيان ويتجنستون خارج القصر.
وانتهت العلاقة
على ما يبدو عام 2010 إلا أن الملك العجوز كان راغبا بإحيائها من جديد. ففي عام
2012 أخذ عشيقته السابقة وابنها في رحلة صيد فيلة ببوتسوانا. ولم يستطع إخفاء الأمر
لأنه سقط أثناء الرحلة وكسر عجزه. وشعر الإسبان بالرعب من مغامرات ملكهم الذي يصطاد
الفيلة في وقت يعانون فيه من مشاكل معيشية بسبب إجراءات التقشف الناجمة عن الأزمة المالية.
وفي الوقت الذي
التقى به الكاتب مصادفة مع وسيان ويتجنستون في حفلة تأبين مانديلا عام 2013 كانت تدير
شركة استشارات وتعمل مع أمير موناكو إلبرت الثالث وزوجت شارلين. وكانت رحلة صيد الفيلة
القاضية بالنسبة لخوان كارلوس، فقد تخلى عن يخته الذي اشتراه بـ20 مليون يورو ونشر
مصاريف القصر ثم تخلى عن العرش لابنه فيليب عام 2014. إلا أن الفضائح استمرت، فابنته
كريستينا حوكمت بتهمة التهرب الضريبي، وكانت أول أميرة إسبانية تحاكم، وبرئت من التهمة
لكن زوجها إيناكي أوردانغارين لاعب كرة الطائرة السابق سجن بتهمة اختلاس الأموال. ثم
تحولت الأمور إلى السوء بالنسبة للملك.
أولا، تم تسريب
محادثات سيان ويتجنستون مع مدير شرطة سابق إلى الصحافة. وفيها زعمت أن الملك كارلوس
أخذ عمولات مالية من دولة خليجية واستخدمت اسمه لإخفاء عقارات وحسابات في سويسرا.
ثانيا، جاءت تحذيرات
المخابرات الإسبانية لها حالة كشفت عن علاقتها التي استمرت ستة أعوام مع الملك للصحافة
وأن حياتها وأبنائها قد تكون في خطر.
وثالثا، قام عملاء
إسبان بدخول شقتها في موناكو لأخذ وثائق عن علاقتها مع كارلوس وتركوا كتابا عن ديانا،
أميرة ويلز وملاحظة: “ما بين نيس وموناكو هناك الكثير من الأنفاق”، في تلميح لمقتل
الأميرة ديانا بنفق بباريس عام 1997.
وكشف الآن عن خلاف
بين كارلوس وعشيقته السابقة حول مبلغ 65 مليون يورو، حيث طلبه منها ولكن محاميها قال
“هي هدية لا ترد”. وقال مصدر إن التحقيقات في مدريد وجنيف كانت “القشة الأخيرة” للملك
فيليب الذي نفى وتبرأ من والده.
وأشارت تقارير
إلى أن الملك السابق سافر إلى جمهورية الدومينكان، لكن تقارير قالت إنه موجود في أبو
ظبي أو نيوزلندا. وأرسل الملك كارلوس رسالة لأصدقائه أنه ابتعد “مؤقتا” وأن بيته الوحيد
هو قصر زارزويلا. ولكن الكثيرين يخشون أنه لن يعود إليه وسيموت بالمنفى.
القدس العربي