adsense

/www.alqalamlhor.com

2020/08/18 - 8:19 م

 بقلم عبد الحي الرايس

التجربةُ الإنسانيَّةُ غنيَّةٌ بالخيْراتِ وعواملِ النجاح، مِثْلما أنها حافلةٌ بالشرور وظروفِ الإحباط، وكلٌّ يأخذُ منها ما يشاء.

والمجتمعاتُ منها مًنْ يعيشُ التردي والشكوى من سوءِ الحال، ويكتفي مُستنيرُوه بالانتقادِ، وجَلْدِ الذات.

ومنها من يختارُ تلَمُّسَ منابِعِ الخير، واستلهامَ أسرارِ النجاح، والسيرَ الحثيثَ على طريق النماء.

في هذا السياق نأبى إلا أن نُورِدَ تجاربَ جديرةً بالمُحاكاةِ والاِقتباس، تَحْضُرنا منها:

ـ تجربةُ مَخْبزةٍ يُعَلَّقُ بمَدْخلِها كِيسٌ تُوضَعُ به أرغفةٌ يُؤدِّي ثمَنَها الموسِرُ على قدر استطاعته، ووِفْقَ رغبتِه ، وتصيرُ في مُتناولِ المُحتاج الذي يأخذ منها على قدْر حاجته، فإذا أيْسر يوماً سار هو الآخر على دَرْبِ الإحسان.

ـ نموذجٌ قابلٌ لِلتَّكرارِ لدى الخضَّار، وبائعِ الملابسِ، وغيْرِهما، يُخصَّصُ لدى كُلٍّ رُكْنٌ للبيع، وحَيِّزٌ للعطاء.

والتجربةُ يُمكن أن تبدأ محدودةً مُتعثرة، فإذا حظيَتْ بالتعهد والإصرار على الإنجاح، صارتْ مُعمَّمَةً ونموذجاً للمحاكاة.

ـ مُثْرٍ نبيل، آثَرَ عِوَضَ إقامةِ حفلِ زفافٍ باذخ لبعض أبنائه تَمْلِيكَ سكناتٍ لأُسَرّ مُعْوِزَة .

ـ بَلَدٌ في شمالٍ الأرض اختارَ أن يَبْنٍيَ مُجتمعَهُ على أساس الثقة، فجعلها قيمةً مُطْلَقة، يُنَشَّأُ عليها الصغارُ منذ نعومة الأظفار، فكان له ما أراد، وصار الناسُ به يتنقلون ويتجوَّلون ويتعاملون ـ دون رِيبَةٍ ولا حذَر.ـ بكامل الثقةِ والاطمئنان .

التقدمُ ليس مِنحَةً ولا هِبَة، والتخلفُ ليس قدَراً ولا حتمية، ولكنَّ فارق ما بينهما استنارةٌ ورؤيةٌ واختيار، وإرادةٌ وعزمٌ وإصرار .

ومجتمعٌ تنمو لدى أفرادهِ بُذورُ الخير لن يَعْدَمَ سبيلاً إلى الفلاح والإصلاح، قد يقبِسُ من غيره، وقد يُبْدعُ بمشيئته، فيصيرُ نموذجاً للنجاح، ومصدراً للإلْهام.

ولو استحضرَ الجميعُ قولَهُ تعالى: " ....قال ربِّ لولا أخَّرتنِي إلى أجلٍ قريبٍ فأصَّدَّقَ وأكُنْ من الصالحين" لَسَادَ التنافسُ بين الناسِ في الخيْرات، والتسابقُ نحو المكرُمات، وفي هذا المضمار ثمة مَجالٌ فسيحٌ للنسْج على المنوال، ولا حُدودَ للإبْداع والابتكار.