adsense

/www.alqalamlhor.com

2020/08/01 - 12:06 م

بقلم عبد الحي الرايس

التحسُّبُ إعمالٌ للفكر، واستباقٌ للأحداث، واسْتشرافٌ لما هو آت، فيما يُتخَذُ من تدابيرَ ويَصْدُرُ من قرارات
هو مُجْدٍ ومُفيدٌ إذا اعْتَمَدَ الحِكمةَ وبُعْدَ النظر، وتَبَصَّرَ بالنتائج وعَدَّد القراءات، وهو مُؤْذٍ ومُسِيءٌ إذا تأرْجَحَ بين إفراطٍ وتفريط
والإفراط تَسَرُّعٌ وارتجالٌ في اتخاذ القرار ، مثلما حدث ذات ليلةٍ قبل أيامٍ معدودةٍ من عيد الأضحى إبَّان جائحة كوفيد 19 سنة 2020 إذْ فُوجِئَ الجميعُ بمنع التنقل من وإلى مُدُنٍ بِعيْنها في ظرفِ سُوَيْعَات، فأوْقَعَ الناسَ في حيْرةٍ وارتباك، وقادهم إلى التزاحم والتدافع على الطرقات بكل ما نَجَمَ عن ذلك من حوادثَ ومآسٍ ومُخلَّفات، فصنع بهم صنيعَ من كان يقودُ مَرْكبة بسرعةِ الطريق، وفجأة قيل له توقفْ لِلتَّوِّ واللحظةِ عن المسير، ولِكُلِّ عاقلٍ أن يَحْدِسَ ما يترتبُ عن التوقفِ المفاجئ من خطرٍ وتعْطيل.
والتفريطُ ـ وهو بيتُ القصيد ـ انسياقٌ مع مَصْلحةٍ تتراءى، وتغييبُ استحضار مخاطرَ تتوارى
اسْتُحْضِرَتْ مصلحةُ رَوَاجِ اقتصادٍ وإحْياءِ سُنة، وتُنُوسِيَتْ وغُيِّبَتْ مخاطرُ اختلاطِ الناس في الأسواق، وتنافُسِ البُسطاءِ في الشراء، ونزوعِهم إلى التفاخُرِ والمُباهاة، وما يَصْحَبُ ذلك من استدانةٍ وخُصومات، بكل ما تُسْفِرُ عنه من مشاكلَ وتبِعَات، وظروفِ جلب الأضاحي وما ينتج عن نَحْرها من مُخلَّفات، وفي الْمُحصِّلةِ ارتفاعُ عددِ الإصاباتِ، ومُعدَّلِ الوفيات.
ويبقى أن التَّحَسُّبَ مَطْلَبُ كُلِّ مَنْ هُمْ في موقع القرار، فقط هم مَدْعوُّون إلى التروِّي والاعتدال، فلا إفراطَ يُوقِعُ في الارتجال، ولا تفريطَ تتفاقمُ معه المخاطر، وتُغَيَّبُ فيه المصالحُ والمنافع.