بقلم عبد الحي
الرايس
تَنِدُّ عن الحَصْر:
استراحةٌ للنفس، ومصْدرٌ للعيش، مُتعةٌ للبصر، وإغراءٌ بالسفر
زرقة مياهه آسرة،
وخيراتُه دافقة، عظمة الخالق فيه متجلية بارزة، في مَدِّهِ باصْطفاق أمواجه العاتية،
وعند جَزْرِهِ بدغْدغَة مياهه الهادئة، السيْرُ بمحاذاته استمتاعٌ برماله الذهبية الناعمة،
ولوحاتُ مَغيبِ الشمس فيه مُتعددةٌ فاتنة، والْمَصِيفُ به فرصة لتخزين طاقةٍ من الشمسِ
عند الشتاءِ نافعة.
ما أظلَمَ الإنسان!
ينْعمُ بكل هذا ولا يَعْتبر: يُلوِّثُ الشواطئَ والبحار، يُلقي بنفسه في مَهَبِّ الأخطار،
ويتزاحمُ رغم الرَّحابَةِ إلى حَدِّ الاختناق.
وفي زمنِ حلول
الجائحة وتفشي الوباء، يَحَارُ القرارُ في أمْرِ الشواطئِ بين فتحٍ وإغلاق، وتضيقُ
النفوسُ وتجأرُ بالمطالب، بفتح المصايفِ في وجْهِ كل راغب.
ولو أن الناس كانوا
يَعْقِلُون، وبِمُتطلباتِ الوقايةِ يلتزمُون، لجاز لهم أن يتنقلوا في كلِّ سبيل، دونما
حاجة إلى رادعٍ ولا رقيب، ولكنهم عن النُّصْح يُعْرضون، وفي شروط السلامة يتسامحون.
أما وقد آذن الصيفُ
بانتهاء، فهلاَّ كان التغاضي عن ارتياد الشواطئ عند حلول المساء ، ترويحاً عن نُفُوسٍ
أسْقمها الحَجْرُ والانْجحار، وتطييباً لخواطرَ أتْعبها التحكُّمُ والإغلاق.؟
وهذه طنجة ـ وغيرُها
كثيرٌـ تستغيث، أنْ عَلِّقُوا الْحَظـْرَ،
وحَرِّرُوا البَحْر.
لَكُم أن تمنعُوا
الاستحمامَ والإبْحار، ولكن لا تحْرِمُوا مُعْتلِّي النفوس من السير بمُحاذاةِ الشاطئِ،
ومُتعةِ الاِرْتِيَاد.