بقلم الأستاذ حميد
طولست
من غرائب أسئلة
حفيدي المفاجئه كعادتها ، سؤاله: لماذا يسرق الناس ما ملك غيرهم ؟ وكيف يرتضي المسلم
لنفسه أن يُحْيي شعيرة ذات بعد ديني بخروف مسروق ضدا على القانون ومبادئ الشريعة الإسلامية؟.
سؤال محرج جدا
، وموضوعه شائك وحساس للغاية ، والإجابة الصريحة عنه أشد حساسية ، لما يمكن أن يجره
على الخائض فيه من سخط وحنق الأطراف المشاركة في جريمته سواء من قريب او بعيد ، والذين
لا ترضيهم الحقائق الثابتة التي يمضى عليها الكون ، والتي أجملها رسول الرحمة في حديثه
الشريف : " لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه
ما يحب لنفسه " التي يعملون على طمسها بأفكارهم الرجعية ونظرياتهم المتخلفة وأحكامهم
الزائغه عن الصراط المستقيم ،اخلاقا وفكرا وسياسة ودينا ، من أجل إخفاء ما ترسخ في
نفوس الكثيرين من أحادية مقيتة ، كمفهوم تفكير مُغَيِّب للوعي ، ومُسقط للقيم ، ومُعمم
للفوضى ، ومحول للأتباع البسطاء إلى رعاع وهمج وازلاف وضباع لا يتحرجون من أي شيء يسيء
لسمعتهم ، أو أي وصف مشين يلوث ذكرهم ، وينظرون لكل السلوكيات الخاطئة والمظاهر السلبية
المؤدية إلى انهيار المجتمعات ودمارها، من خيانة وغش وكذب وسرقة وسفك الدماء والتعدي
على الحرمات والحقوق بكل أنواعها على أنها بطولات تستوجب التكريم والتصفيق والتسجيل
في كتاب "غينس" ، كما هو حال الحدث الفضيع الذي تداولته قبل أيام وسائل التواصل
على نطاق واسع من خلال مشاهد فاضحة لعشرات المواطنين الذين استحكمت فيهم شهوة
"بولفاف"، وهم يغيرون على سوق للماشية ، يسرقون الأكباش متصارعين، ومتناهبين
، في فوضى عارمة أصبح معها الضياع ، هو الطريقة المُثلى للحفاظ على ما تبقى من إنسانيتهم
التي تحولت من عبادة لله إلى عبادة الشهوات ، التي ضخمت فيهم ظاهرة الأحادية ، وأحطت
الأخلاق وأنمت ثقافة العنف التي لا تمت بصلة لأي دين أو مذهب ، والتي بلغت حدا مأساويا
من المأساوية ، مع وصول الأحزاب المدّعية للدين
لكراسي الحكم المعتمد في علاقته بالأغيار على القوة لا على الرحمة وعلى التخلي عن الاهتمام
ببناء الإنسان الصالح الذي قد يكون ثروة حقيقية للأوطان ومحور نهضتها وأساس رقيّها ومعيناً على بِناءِها والنهوض بها ، أو عائقاً لتقدمها
وعائناً على تخلفها ودمار قيمها الوطنية ومبادئها ، وذلك حسب نوعية البناء المستهدف
وصلابة ما يحمله من امكانيات التنمية وقيم الوطنية ومبادئ الانسانية المعتمدة على التعددية
والتقدم العلمي والتطور الإنساني وحرية الفكر والإختيار البعيدة عن لعنة الأحادية المناقضة
لكل ما جاء به متمم الأخلاق سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام، من تعاليم كفيلة بتحويل
الصراع السياسي إلى عمل تطوعي ، يضفي المصداقية على الأحزاب والحكومات ، ويرقي برامجها
وقراراتها وينزه نظمها وهياكلها وزعاماتها مما يعرفه المشهد السياسي المغربي الراهن
، من الاختلالات العلائقية والأزمات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية الناتجة عن الإسلام
السياسي ، والناتج بدوره عما يمكن أن يصطلح على تسميته بــ"التدين السياسي"
المناقض للقرآن القويم والسنة الشريفة ، والمتركز على الخلط ما بين السياسة والدين
وما بين الأولويات والأهداف ، المعتمد سياسة "فرق تسد" المبنية على النفاق
والكذب والتحويل والتحوير والخداع والتضليل والتكفير والافتراء والتزوير والتشويه والحقد
والكراهية ، وغيرها من الصفاة الخبيثة والسلوكيات الدنيئة التي عمت كل مناحي الحياة
المجتمعية ، تعليمها وصحتها وجميع الخدمات التي ليست في حاجة لقياس مدى انتشار التدين
، بقدر ما هي في مسيس حاجة لنوعية التدين ومدى تأثيره في تغيير سلوك الأفراد والمجتمعات
نحو المدنية والحضارة والإنسانية، وكما يقال كلما دارتِ الأهداف في فلك النفس، تبقى
حبيسةً محصورة النفع ، ولا تعظُم قيمتُها ولا تتنامى إلا إذا اتَّسع محيطُها وتعدَّته
لكافة المواطنين .