كان مكْسَباً للسائح
والزائر والمُقيم، ونافذةً مُشْرَعَةً على التاريخ.
وفَجْأة أحْجَمَ
عن الاستقبال، وتعَطَّلَ عن الكلام، فإلامَ مَرَدُّ ذلك؟
لم يفتقدِ الفضاء،
إذ ظلَّ له مكانٌ معلوم، ومُدرَّجٌ مَصْفُوف، وموْقعٌ مقصود.
ولم يغِبْ عنه
النَّصُّ المكتوب، إذ له أداءٌ مُسَجَّلٌ مسْمُوع، وشريطٌ مُصاحِبٌ مشهود، يُؤكدُ المُرُور،
ويُبْرِزُ تعاقُبَ العُصور.
كان الراوي يَحْكي
عند حلول المساء، وأسْوارُ المدينة ومعالمُها تَعكسُ الصورة، وتُرَجِّعُ الصدى، فأيُّ
سِحْرٍ وأيُّ مُتعةٍ على امتدادِالسَّرْدِ وطول المدى !
ومَهْما جدَّدْتَ
الحضور، وعاودْتَ الزيارة، فلن تَمَلَّ من مُتابعةِالحكاية، إذْ تًرْوي قصَّةَ المجْد
والحضارة.
وإذن لا مندوحَةَ
عن الدعوة إلى تشغيل الإرادةِ في إطار الحكامة، لإحْيَاءِ مَعْلمَةٍ تميزتْ بالسبْق
والريادة، ُوهي بعضٌ من كثير مما يتعينُ بعْثُهُ وإحياؤه، إنصافاً لمدينةٍ دخلتِ التاريخ
من بابهِ الواسع، فكانت مدينةَ العلم والعلماء، والخُضرةٍ والظلال، والمشي والمُشاة،
وحُقَّ لها أن تستأنف دوْرَها في التجدُّدِ وإغناءِ الحضارة، وهي صائرةٌ إلى ذلكَ لا
محالة، ما دام فيها صفْوةٌ يرعوْن حقها، ويصُونون مَجْدها، ويُخَلِّدونَ تُراثها، ويشرئبُّون
بها إلى تجاوُز العثرات، وحَثِّ الخُطى لتدارُكِ ما فات.
في هذا السياق
يَجْدُرُ اسْتحضارُ أنَّ موْقع "صوت وضوء"( Son et
Lumière) بفاس يُوجَدُ على مقربة
من البُرْج الجنوبي، وهو مُرشَّحٌ لأن يكون في استقبال العربةِ الهوائيةِ القادمةِ
إليه من البُرج الشمالي، ومَوْئلَ الوافدين عليه من المدينة الجديدة عَبْرَ المسار
الترفيهي، وكلُّ ذلك سهْلُ المَنال، إذا تضافرتِ الجُهُود، وارْتفع سَقْفُ التحدي والرِّهان.