لايمكن لك على
الإطلاق أن تبدأ في الحديث عن حال الأمة وتدهور حال الناس على المستوى الأخلاقي؛ إلا
وتجد أحد المتحدثين الذي تخاطبهم يربط لك القضية بالنية والأخلاق ويعود بك إلى الماضي
القريب من تاريخنا كمغاربة ،أيام كانت أبواب الحي أو الدوار لا تغلق لا في الليل ولا
في النهار وقد يقوم ابنك بوجبة الغذاء عند جارتكم ووجبة العشاء عند أحد اقرباء الأسرة
وأحيانا يخرج ابنك من المنزل لا يعود الا في اليوم الموالي ،كان الناس يحكم تعاملهم
قيم الإسلام السمح والمحبة والتضحية والتعامل الانساني النبيل النابع من فطرة الإنسان
التي زرعها فيه الحق سبحانه ،صحيح كان الفقر وقلة الأغطية لكن كان التلاحم والعيش بما
هو موجود وكان تفسير الحياة من قبل هؤلاء الناس بأنها قسمة في الأرزاق والعمر إلى أن
جاءت الألفية الثالثة وجاء التلفاز المتعدد المحطات وأصبح ملك الجميع بعدها الأنترنيت
وأتاح للفرد الإطلاع على عوالم متعددة ليس بدافع الإستكشاف ورؤية ما هو جميل وكذلك
تقدير ما هو جميل عندنا كأمة عربية من تقاليد جميلة جدا ،أصبح الفرد منا يتحاسب حول
كل شيء ويطرح الأسئلة الكثيرة غير مستحضرا أن تاريخ الأمم المتقدمة هو منذ قرون بل
نحن كبلدان لازالت تحاول الإقلاع بعد سنوات الإستعمار واللاحرية ،حتى أصبح لنا كثرة
الحالمون برفاهية قد لاتوجد في هذا المعمور أصلا ،صحيح حسب دراسات في علم السوسيولوجية
هناك تحولات اجتماعية كالتحول من الأسر الممتدة الى الأسرة النووية ،ومن القبائلي إلى
الترابي ،وأصبحت الفردانية التي عانا منها الغرب والتي تعرف عندنا بعبارة "أراسي
يا راسي "، ومما زاد من منسوب القلق حيث أصبح الواحد منا قابل للمشاجرة في أي
لحظة وهذا راجع إلى نسبة مشاهدة الأشرطة العنيفة وفيديوهات البكائيات التي غزت عالم
الميديا الإجتماعية ،فأصبح يخيل للبعض أن الديموقراطية هي 0 ظلم و0 خطأ ووو وكأننا
في مدينة أفلاطون أو في جنته الأسطورية دلمون ،وبالطبع هناك صانعي المحتوى يلعبون على
وتر البكائيات لتشاهد أشرطتهم وبالتالي تعود عليهم بأرباح من شركات الأنترنيت المعروفة
، وتاه عدد من الناس وراء عالم لامنتهي من البكائيات التي تغديها خاصيات جد متطورة
في نظام يوتوب وهو أنه كلما شاهدت فيديو حزين إلا والقائمة ستظهر لك فقط الفيديوهات
الحزينة ، لايعني كلامي أن نكسر هواتفنا ونعود إلى العصور البدائية، فالأنترنيت شر
لا بد منه اليوم والعيش في عالمين أصبح ضروري لتكون ابن هذا العصر لكن أرى أفضل أن
لا نفتقد الصلة بالواقع لأنه في الأخير هو الحقيقة تلك الحقيقة التي بحث عنها ديوجين
بمصباحه ذات يوم نهارا بأثينا والتي قال فيها أنه وجد الناس في طريقه وهو
يبحث عن الإنسان الفاضل الذي لم يجده .
علاش ولينا كنتقلقوا بزززاف !؟ ..
بقلم كريم باجو