بقلم عبد الحي
الرايس
شَبَحُ الجائحة
مازال جاثماً على الصدور، والموسمُ الدراسي مُوذِنٌ بِحُلُول
لِنُسَلِّمْ جَدَلاً
أن قرارَ الوزارة احْتـُرِمْ، وأن الآباءَ انقسموا إلى فئتيْن:
أولاهما آثرت التعليم
عن بُعْد وأبقت على الأبناء في البيوت
الآباء سينصرفون
إلى أعمالهم التماساً للرزق، والأبناء سيتابعون دروسا تُبَثّ
فكيف سيكون التركيز
؟ وكيف ستتسنى فرصة السؤال وجودة التحصيل؟ وفيم سيُمتحن التلاميذ؟
هذا إذا اعتبرنا
أن كل التلاميذ يتوفرون على وسائل المتابعة، وأن الإخوة في البيت الواحد سيتعايشون،
وفي متابعة الدروس سينهمكون.
وقد أثبتت التجربة
أن مستوى التحصيل عن بُعْدٍ هزيل، وأن تكافؤَ الفرص بين مُتتبعيه يظل المطلبَ العسير.
والفئة الثانية
من الآباء ستختارُ إرسال الأبناء إلى المدرسة، فظروف البيت غير مُسْعفة، ووسائلُ التعلم
عن بُعد غيرُ مُتوفرة.
وقد قيل إن المدارس
ستتخذ الاحتياطات اللازمة، وستوفر كل التدابير الواقية، ولو أن التجربة والواقع يؤكدان
أن ما كُلَّ ما يُعْلَنُ ويُقرَّرُ يتحققُ ويُنَفـَّذ، خاصة مع اتساع الرُّقعة، وتعدد
المدارس، ومحدودية التأطير والمرافق والوسائل.
فإذا حدثت النكسة
لا قدر الله، وصارت بعضُ المدارس بؤراً للوباء، ومنها وإليها تُنقل الْعَدْوَى ويتفشى
الداء، سَتُحَمَّلُ المسؤولية لا محالة للآباء، ويتجددُ الْحَجْرُ والانجحار.
ثم ما ذا بعد ذلك غيرُ انهيار الاقتصاد، ومَزيدٍ من التخبُّطِ وعشوائيةِ التدبير، وارتجاليةِ القرار؟ !
والرَّأْيُ أن
يُرْجَأ مَوْعِدُ الدخول المدرسي إلى ما بَعْدَ تَوَفـُّرِ شرطيْن:
أوَّلُهما تراجعٌ
ملموسٌ في نسبة انتشار الوباء
وثانيهما تدبيرٌ
مُحْكَمٌ لتوفير ظروفِ تعليمٍ حُضوري للجميع في إطارٍ من التفويج، وتجاوز الاكتظاظ،
واحترام التباعد، ورفع درجة الاهتمام بالفضاء المدرسي والتأطير.
على أن يكون التعليمُ
عن بُعْدٍ وسيلة مُكَمِّلة، وأداة مُسْعفة في الدعم والتثبيت والتقوية، تُوفَّرُ له
مُحَفـِّزاتُه، وشرُوطُ إنجاحه.
ويظل التعليمُ
الحضوري عُمْدةَ السنةِ الدراسية، والاختيارَ الأوْحد، والرهانَ الأول، إذا شِيءَ لها
أن تتحقق، ولمبدإ تكافؤ الفرص أن يُفَعَّل، ولنا عودةٌ إلى الموضوع.